المقالات

فوضوية الفتوى وأبعادها السياسية

أصبح من المُسلمات البديهية في ظل الانفتاح على أدوات التواصل الاجتماعي وخصائص وظائفها في التناول والانتشار، بظهور وبروز ما يُمكن تسميته (بفوضى الفتوى وأبعادها السياسية الخطيرة) من خلال إبداء الآراء الجريئة بأريحية عجيبة في كل اتجاه، دون النظر للمآلات أو تصور المخاطر المحتملة والمتوقعة على تلك الآراء النشاز، والتي تسري سريان الريح المرسلة؛ إذ لم يعد هناك احترام يُذكر للتخصص لدى السواد الأعظم من الجماهير التي ساعدت تلك النكرات في الخروج من جحورها، وأصبح المثل الشهير: (لكل ساقطة في الحي لاقطة) محل إجماع وتلقي مهما كان الرأي تافهًا وساقطًا، ليجد من يروجه وينشره ويحتفي به، وتعد السياسة المائدة المستديرة التي يخوض فيها الجميع بعيدًا عن لبوس المسؤولية والخبرة والتأني، وابتلينا بصنفين ممن يخوض في السياسة بجهل وسطحية وساذجة ووقاحة وهما:
١- الواعظ الأهوج المُتفيهق.
٢- العلماني الأحمق المتعالم.
ولكل منهما أجندته التي تحمله على الخوض في السياسة بغير علم ودراية ولا تأهيل، إما بدوافع شهوة الكلم المغرية أو سعيًا لتصفية الحسابات الحزبية، أو انطلاقًا من الفراغ الهائل في تصوراته وعقله، فتراه يخبط في السياسة خبطًا عشوائيًا أو كحاطب ليل، وفي هذه الفوضى العارمة لاذ المتخصصون بالصمت في ظل ضجيج الرعاع وسقط المتاع الذين بلغوا (الترند من ظاهرة الفوضى الصوتية)؛ حيث هُمش المتخصصون والأكفاء من قبل السواد الأعظم من رواد أدوات التواصل الاجتماعي، الذين تغريهم السطحية والغرابة وجرأة الآراء المطروحة من ذينك الفريقين الغريبين،
وماذا نتوقع حينما يقود الرأي العام وصناعته تلك النماذج البائسة الحقيرة؟؟!!!
والعجيب صمت المؤسسات الرسمية المحترمة في مجاراتهم بالصمت المطبق دون لجم تلك الأصوات والأبواق غير المسؤولة.
فظهرت الرويبضة والمتردية والنطيحة دون حياء ولا عتب، ولا يعني ذلك محاربة الحريات أو الدعوة إلى الاستبداد والديكتاتورية أو لجم الأصوات الحرة الحكيمة، بقدر ما هو وضع ميثاق ولوائح منظمة، تضع الأمور في نصابها، وتمنع من تفلت عقال الفتوى، ولا سيما في القضايا الحساسة والمصيرية، أو فتح الأبواب على مصراعيها لغير المتخصصين المتهورين، الذين يُثيرون الخصومات المفتعلة، وبث الفرقة والخلاف، ويضربون وحدة الأمة العربية والإسلامية في الصميم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى