عبادي الجوهر فنان بالفطرة وهو مجموعة قدرات فنية كل منها يتحدي الآخر بقيمته العالية . منها التلحين بتفوق والعزف علي العود بإناقة وإبهار. والغناء الذي يشبع الذائقة الطربية . نعم هو له لون جميل يرمي بظلاله الرومانسية العميقة علي مسيرته الفنية وهو اللون الذي لا أود أن أسميه الحزين كما يقول البعض ولكن أطلق عليه الشجي الذي تسكنه مشاعر متعددة كل منها بصلح أن يكون سيناريو لقصة عشق بمذاق ونكهة تختلف عن الأخري. عبادي أكتشف نفسه مبكراً فلم يحاول أن يكون غير عبادي ذاته بالتفاصيل الدقيقة لشخصيته الفنية. لم يحاول أن يعتمر شخصية من سبقه من الفنانين لتكون له وسيطاً في عالم الفن. نعم غني يا غزال في بداية نشأته الفنية من الحان طلال مداح وكان يمكن أن تكون السبب في عدم بروز ه وتألقه فنياً وبهذا المسار المتميز . فعبادي لو أعتمد ذلك المسار الغنائي لكان نسخة مكررة من طلال مداح ولكن النسخة ليست كالأصل. فعندما استمع له أريد أن أسمع عبادي. وأما طلال فعندما أحب أن استمع له فلا أحتاج أن استمع لغيره من الفنانين. بل اذهب مباشرةً الي ارثه الفني الحاضر في وقتها بعنفوانه بتألق وجمال. عرف عبادي ذلك بفطرته الفنية التلقائية المتمكنة وربما لم يخطط لذلك ولكن شخصيته الفنية وذائقة التلحين لديه جعلته يُكَوّْن ويحدد مساره ومشواره الفني. ووجد كتّاب الأغنية العاطفية في بروز هذا الفنان دافعاً ليعبروا عن أفكارهم باساليب متجدده .لقد الهمتهم الحانه بنمط شعري مختلف في الفكرة وفي الصياغة مما نتج عنه أرث غني ومتجدد في الساحة الطربية.كما ألهمت ايضاً من يلحن له أن يجد نمطاً مستجداً في نهج التلحين.
لقد أثر عبادي ولا شك في المسيرة الفنية في المملكة. قد تمر هذه المحطات وتعتبر عابرة نشأت لظروف طبيعية ولكن لو تمعنا لوجدنا أن هذا الأرث الفني لما يكن ليأخذ مكانه لولا بصمة عبادي في اللحن وفي الأداء. جمعتني بعبادي صداقة عمرها عشرات السنوات. وصداقاتي مع معظم الفنانين لم تكن تخضع بيننا لإنتاج عمل فني فقط ولكن الروابط الاجتماعية كانت هي الحافز الأول والأهم للقاءات ومن ثم ينتج عنها أعمال فنية. و عبادي كان ولا يزال الصديق الوفي الصدوق .عندما كنت في الرياض كنت أدعوه لزيارتنا وكان يلبي ونحي ليلة فنية مع نخبة من الزملاء وكان يتجشم معاناة السفر وتكاليفه ويأبي أن يتقاضي تلك التكاليف ولو حصل فأنه يستحقها. التقينا كثيراً في مصر وفي لندن. وجمعتنا هنا وهناك أوقات قد لا نتحدث فيها عن الفن اطلاقاً. ولكن سواليف الأخوة وحكايات الحياة وقد نتوقف لنلعب البلوت فهو حريف ويجيد اللعبة ولكن بصراحة ليس بإجادته العزف علي محبوب قلبه العود فهذا أمر آخر لا يجيده إلا عبادي.
أول عمل غنائي جمعني بعبادي هو قالوا ودع لك قلت يسلم ويجي. قالوا يعود لك. قلت الله ارتجي. ما اصعب الفرقة علي القلب الحزين. الله يردك يا قرة العين. سلمته النص علي أن يلحنه علي راحته. وكانت آلة العود في احضانه يداعب أوتارها ويدندن. فالطرق الذي قام به كان جميلاً فقلت يا ابو سارةً قال نعم قلت من هنا كمل فكأن هذا العزف خلق لهذه الكلمات. وكان وأكمل اللحن في حينه. ونجحت تلك الأغنية أيما نجاح. ومن ثم توالت الأعمال الغنائية فقدمنا. إن كإن قلبك عطاك. قلبي أنا ما عطاني. .انسي ليالي المحبة. خليت قلبي يعاني..وايضا تألق في تلحينها ونالت نصيبها من النجاح. وبعدها قدمنا. لالا يا بعد روحي مالي في القال والقيل. لا لا إما المسامح ولا قطع المراسيل. ومن ثم قدمنا أنا وطلال باغر له أغنية الحبيب الأول. مطلعها ما تسألي أهون عليكي يا حياتي تزعلي. تمهلي لحظة اًوضح لك ظروفي تمهلي. ردي السلام يا حبيبة. نفسي في كلمة طيبة. النار في قلبي ضرام. يحرم علي عيني المنام. حتي المواقف تنجلي. . ولا لا لا تعجلي ما الحب الا للحبيب الأول.
ومرة كنت عنده في مجلسه لوحدنا فقال لي تعجبني أغنية روضة الخلان وبالذات مطلع اللحن وودي اقدم شئ من روح هذه الأغنية. فقلت ياليت أقدر وأنا أرضيك فرد خلاص هي كدا قلت كيف قال خلي هذه مطلع الأغنية. فكتبت ياليت أقدر وأنا ارضيك سواد عيوني ما يكفيك وخلينا من الهجران سقي الله روضة الخلان. وكانت من الأغاني التي راجت أيضاً.
عبادي كان له سحر خاص في جذب المستمع فهو شخصية فنية متميزة فاذا أردت ان تستمع لهذا الشجن الفني الذي أبتدعه عبادي فلابد أن يكون هو ولا أحد غيره يقدم لك هذه التحفة الفنية. ولذلك لا تجد أن هناك فنانا صاعداً حاول أن يتقمص شخصية عبادي الفنية فهي شخصية ذات بعد فني رائع ممتنع وإن بدا سهلاً.
تشاركت مع عبادي أعمال أخري وطنية ومنها إذا تكلمنا إستمع لنا العالم واللي بدا بالشر سلم لنا وسالم. وأيضا في أوبريت وطن الحضارة مع طلال مداح وعبدالله رشاد. وكذلك في أغنية وطنية مشتركة ما بينه و طلال مداح وعبدالله رشاد وهي أغنية النصر من الله بعد تحرير الكويت. لنا مدة عن آخر اعمالنا فضها سيرة. ولكن هذا مافات. وماهو آت هناك عمل علي وشك الظهور ومطلعه. حياتي كلها آهات. وكل آهه بترنيمة. وقلبي تتعبه الدقات.وكل دقة بتعليمة. من الحان وضاح مهند. ولا شك أن أبا سارة هو من يعطي العمل العلامة الكاملة. أتمني أن تنزل قريباً. كما قلت في بداية المقال عبادي صديق عزيز قبل أن يجمعنا الفن. أبو سارة من عرفته والي الآن رغم الشهرة وجموع المحبين له ولفنه لم يتغير لا أبهة ولا برستيج. وكأني به يقول أنا مجرد أنسان بسيط أحب أن اعيش حياتي كما عرفتموني من سنين بدون القاب ولا عناوين. أنا عبادي ابو سارة ولا غير.
0