تجري شركة (قالوب) أبحاثًا في مجال الموارد البشرية منذ أكثر من أربعة عقود؛ وقد أجرت دراسة شملت أكثر من (160) ألف موظف في الولايات المتحدة الأمريكية، وتوصلت إلى أن نسبة الارتباط الوظيفي لدى الموظفين لا يتجاوز (33%)؛ أي أن نسبة الموظفين غير المرتبطين وظيفيًا وصلت إلى (67%). فيما تدنت نسبة الارتباط الوظيفي في دراسة شركة (ديل كارنيجي)؛ حيث وصلت نسبة الموظفين المرتبطين بأعمالهم (26%) فقط؛ مما يعني أن (74%) من الموظفين غير مرتبطين بمؤسساتهم. أما عن خسائر الولايات المتحدة الأمريكية من جراء تدني نسبة الارتباط الوظيفي واستقالة الموظفين وانتقالهم إلى جهات أخرى فقد قُدرت بـ (11) مليار دولار سنويًا؛ نتيجة ما قدمته تلك الشركات للموظفين من خبرات وتعليم ومكافآت وعلاقات ينقلها الموظفون معهم إلى الشركات الجديدة التي التحقوا بها، وتعزو معظم الدراسات إلى أن عدم الارتباط الوظيفي يكون غالبًا بسبب سوء العلاقة بين العاملين ورئيسهم، وإلى غياب أو ضعف الحوافز المادية والمعنوية؛ إضافة إلى تهميش كثير من العاملين وقصر المشاركة على فئة محدودة، ولا ننسى غياب الأمان الوظيفي والغموض حول مستقبل العاملين.
ويمكننا أن نستنتج من تلك الدراسات ما يلي:
أولًا: أهمية العلاقة بين الرئيس والمرؤوس، ودورها في زيادة معدل الولاء المؤسسي والارتباط الوظيفي.
ثانيًا: قيمة ومصداقية الدراسات المؤسسية عندما تقوم بها جهات محايدة ومتخصصة.
ثالثًا: زيادة معدل التسرب الوظيفي في أي مؤسسة هو مؤشر قوي يفصح عن تدني مستوى الارتباط الوظيفي، دون الحاجة لإجراء دراسات وهمية أو مجرد استطلاع موجه لفئة دون غيرها!!
رابعًا: ربما حان الوقت لتتعلم المنظمات الأمريكية والأوروبية، وتستفيد من تجارب وخبرات المنظمات العربية التي تفوقت حتى على المنظمات اليابانية في ارتفاع معدل الارتباط الوظيفي الذي تجاوز نسبة الانتخابات الرئاسية في كوريا الشمالية؟!
خامسًا: كثير من المنظمات العربية أصبحت محط أنظار العاملين في الشركات العالمية بسبب ما تمتلك من بيئة عمل إيجابية جاذبة تؤهلها وبقوة لاستقطاب العاملين في الشركات الأوروبية والأمريكية وحتى اليابانية!.
لدغة ختام:
ذكر لي أحد الأصدقاء أن لديهم عشرة عمال نظافة في مؤسستهم، وأن مديرهم قد أعطى كل عامل منهم (100) ريال ثم سألهم بعدها مباشرة عن مدى رضاهم عن العمل في المؤسسة، فبطبيعة الحال جميعهم أجابوا (صديق.. كلوا تمام ميه ميه). يقول صديقي هل نستطيع أن نعمم رأيهم بأنه يُمثل كافة آراء العاملين في المؤسسة. فقلت له: لا يهم ذلك فالأهم أن تحتفلوا!
خير الهدي:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ومَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ ويَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا).