أجرى اللقاء: حامد العباسي- الباحة
في طريقي للقرية الوادعه الهادئة التي تعانق الغيم والضباب، حيث يسكن ضيفنا، كان الطريق إلى هناك يكسوه الضباب فعليا، وقطرات من المطر المنهمر، وأشعة الشمس تتخلل السحب بين الفترة والأخرى..
استقبلنا ضيفنا ومضيفنا أمام داره العامرة، وخالجني الخوف لبرهة حيث ظننت أنه سيستقبلنا بقصيدة، و”أتورط” أنا في الرد، وذلك جريا على عاداتنا في منطقة الباحة، لكنه استقبلنا بابتسامته المعهودة، والشوق يحدوني للقائه، ولمشاهدة حديقته التي لطالما تغنى بها، واستلهم الكثير من قصائده فيها ومنها، ونقل لمتابعيه صورا عنها.
وبعد كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال بالقهوة السعودية المهيلة وتوابعها استتأذنته في السماح ببدء هذا اللقاء الذي أضعه بين أيدي قراء الصحيفة الكرام.
* بداية نرحب بك أستاذ موسى عبر هذا اللقاء لصالح صحيفة مكة الإلكترونية، ونود أن تعطينا بطاقة تعريفية للشاعر موسى الزهراني.
– موسى سعيد الزهراني
من مواليد قرية العصداء في بلاد زهران بمنطقة الباحة.
متخرج من جامعة “استيرلنغ” في “اسكتلندا” في بريطانيا.
التخصص:
لغة انجليزية.
العمل: معلم لغة انجليزية.
مدة الخدمة: ثلاثون عاما.
العمل الحالي: معلم متقاعد.
الحالة الاجتماعية: متزوج.
“شاعر الطبيعة”،
من أطلق عليك هذا اللقب؟
– على ما أذكر هو الدكتور أحمد الهلالي، الأكاديمي بجامعة الطائف، وعضو نادي الطائف الأدبي الثقافي.
* لماذا أطلق عليك هذا اللقب، من وجهة نظرك؟
– ربما لأن معظم قصائدي عن الريف الجنوبي.
* ومتى كان ذلك تقريبا؟
– ما يقارب من ست سنوات.
* ماالعلاقة بين مؤهلك وموهبتك الشعرية؟
– لايوجود أي علاقة، فالإنجليزي تخصصي المهني، بينما الشعر موهبة.
* طقوس كل شاعر أو كاتب تختلف، فما هي طقوسك؟
– أحتاج إلى الهدوء وساعة التجلي، لكني في الغالب أتأثر بما أشاهد، سواء كان ذلك مايسعد القلب، أو يستدر المآقي.
* هل لحديقتك إلهام لشاعريتك؟
– الحقيقة أنا استزرعت الحديقة، هذه هي حديقتي الصغيرة، كي تحرك فعليا بعض شجوني عندما يحرن الشعر، رغم أن الطبيعة حولنا كلها ريف وجمال.
* هل تذكر متى قلت أول أبيات أو قصيدة؟
– أذكر ذلك، وأنا في المرحلة المتوسطة.
* هل تحفظ شيئا منها؟
– لا.. للأسف، لكنها كانت عن فلسطين الريحة.
*هل كان لأحد الأساتذة في مراحل التعليم العام أو الجامعي تأثير في تشجيعك؟
– أذكر معلما اسمه عبدالرحيم من فلسطين.
* بمن تأثرت من الشعراء قديما وحديثا؟
– شعراء الأندلس قديما، وحديثا من السعودية الأستاذ الدكتور صالح بن سعيد الزهراني.
* لاحظ قراؤك ومتابعوك أنك تقتنص غالبية الصور واللقطات النادرة والملفتة، وتصوغ حولها بيتين أو أكثر..
فهل هي رسائل معينة؟
– أحيانا تكون الصورة مؤثرة جدا، فأشعر أن من واجبي استنطاقها، حتى تصبح وجبة سهلة الهضم، وكأنما الشعر برواز يعطي الصورة المزيد من الجمال.
* هل تؤمن أن الإيجاز أكثر تأثيرا؟
– نعم كثيرا، فخير الكلام ماقل ودل.
* ماهي مشاركاتك، محليا وعربيا؟
– كان لي مشاركات في الملحق الثقافي لصحيفة المدينة، حيث كان يسمى وقتها (الأربعاء)، لكن مع الأسف توقفنا بعد أن توقف الملحق.
* أوسمتك، أو شهادات الشكر والتقدير التي حصلت عليها، هل لك أن تطلعنا على بعضها؟
– في مهنتي حصلت على درع المعلم المتميز من وزارة التعليم، وكان من يد الوزير محمد بن أحمد الرشيد، رحمه الله.
* في مجال الشعر: نلاحظ أيضا أنك تلقي معظم ماتكتبه من شعر بصوتك وصورتك، فهل تؤمن أن العمل الصوتي المرئي أفضل تأثيرا من الكتابي؟
– المعروف أن خير من يلقي القصيدة هو صاحبها، لأنه يشعر بأحاسيس ماكتب مهما كان صوته وأسلوبه.
* ماهي مؤلفاتك، مانشر منها وماهو مخطوط؟
– لي مجموعة قصصية طبعت قبل عشر سنوات أسميتها (أسرار)، وأنا الآن أرتب لإصدار ديوانين شعريين الأول أسميته (صباح بلا شمس)، والثاني (نقشٌ على جناح فراشة).
* ماهو سر (أسرار)؟
– أسرار هي مجموعتي القصصية التي كتب عنها الشاعر والروائي الكبير محمد خضر في صحيفة الاتحاد الأماراتية في 2 نوفمبر 2011 تحت عنوان (مقاربات بين القرية والمدينة)، وشبهها بكتابات نجيب محفوظ، وهي تتحدث عن حياة الناس الريفية والمدنية.
* بما أننا تحدثنا عن (الأسرار)، فهل لك أن تحدثنا عن رحلتي “الشتاء والصيف” ، مابين (المسقط والعروس)؟
– مسقط رأسي في قرية العصداء بالباحة، لاشك أنها تحمل كل ذكرياتي وعشقي وإلهاماتي المبكرة، وجمال أرضها يصنع الشعراء والروائيين، وأما جدة فلاشك أنها مدينة للفكر والثقافة.
* أيهما أكثر ارتياحا لك وإلهاما لشعرك؟
– بلا شك أنها الباحة، فهناك بون شاسع مابين الجبل الأخضر والشارع الأسود.
* نطلب منك كرما أبياتا موجزة من قصائدك.
– ربما أكثرها تأثيرا أبيات قلتها بعد وفاة زوجتي في منتصف رمضان قبل سبع سنوات، وكنت قبلها بأيام قد فصلت ثوبا للعيد ونسيته، فكتبت هذه الأبيات:
بالأمس هاتفني الخياط يطلبني
يقول: ثوبك أضحى عندنا زمنا
تعال خذه فقلت: الحزنُ يطعنني
مُذ فارقت، صار ثوبُ العيدِ لي كفنا
* رحمها الله تعالى رحمة واسعة وأسكنها فسيح جناته، وجميل هذا الوفاء الرائع منك شاعرنا.
* الصفحات مشرعة أمامك لتختم هذا اللقاء بما تراه مناسبا.
– في نهاية هذه المقابلة أشكر الصحيفة المباركة، وأخي الإعلامي حامد العباسي على إتاحة الفرصة للحديث معكم عبر هذا اللقاء، وإلى لقاء.