لا يوجد على ظهر البسيطة من المسلمين من يريد خسارة الفلسطينيين أمام العدو الذي يمثل الصهيونية العالمية المتربع على أرض فلسطين منذ أن مكنتهم بريطانيا في وعد بلفور المشؤوم عام 1917م الذي تضمن بندين أسوأهما دعم تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين الذين بحسب الإحصاءات أن عددهم قرابة خمسين ألفا فيما كان عدد الفلسطينيين حينها اثنى عشر ضعفا من عدد اليهود ممن أصولهم في هذه الدولة آلاف السنين فيما أتاحت الغرب وأوروبا الفرصة لهجرة اليهود من بلدانهم إلى فلسطين حتى تزايد عدد اليهود حتى بلغ الملايين في العصر الحديث بدعم مادي وعسكري وتسليح نوعي للكيان الصهيوني حتى وصل إلى ما وصل إله من تقنيات عسكرية حربية مقابل عزل الفلسطينيين وتقييد كل ما يحملهم على الحرية وأي استعداد لخوض أي حرب ضد هذا الكيان الغاصب وخلال عشرات السنين صاحب هذا الاحتلال حروبا شرسة ومقاومات متنوعة عنيفة من طرف واحد هو العدو لا تصل إلى درجة الندية في خوض حروب تؤدي للنصر المطلوب معظمها تنتهي بالتدمير كما هو اليوم في غزة وعدد من مدن فلسطين التي دخلها الجيش الإسرائيلي بذريعة الخوف كذبا وخداعا .
دعونا نأخذ بآخر هذه الحروب الذي ما زال العالم العربي بالذات يعيش فصوله عندما قررت حماس خوض هذه الحرب التي دخلت شهرها الثاني غير المتكافئة نوعا وكمّا وعدة وعتادا بعيدا عن الادعاءات والبيانات التي يطلقها قادة حماس البعيدون عن أرض المعركة فماذا كسب الفلسطينيون من تصرّفات حماس التي تدين لطهران بكل وضوح وقوفها زورا وبهتانا بل كل العالم يعلم بأن قرارات حماس – وبقية أذرع إيران في عدد من الدول – تنطلق من توجيهات الصفويين الذين بالتأكيد يدفعون هذه الأذرع لإشعال الحروب دون الوقوف معها بل يقفون موقف المتفرج وجميع تصريحاتهم تعطي مؤشرات جليّة بأنهم وإسرائيل وأمريكا يعملون من تحت الطاولات ويمدون أيديهم لبعضهم البعض بما يحقق مصالحهم وخير دليل على ذلك إحجام أمريكا وإسرائيل عن ضرب المفاعلات النووية في إيران فيما قامت بتدمير مفاعلات العراق عام 1981م بطائرات إسرائيلية في هجمة نوعية بتوجيهات أمريكية لربيبتها التي تحارب عنها بالوكالة دائما .
أمريكا ودول أوروبا ربما ليس حبّا في اليهود الصهاينة في إسرائيل بقدر ما هو خوف هذه الدول من إسرائيل فيما لو خسر العدو حروبهم مع الفلسطينيين بأن يعودوا لهذه الدول التي أتوا منها وشكلوا هذه الدولة التي احتلت بلدا بكامله سواء بابتلاع أراضيه وتحويلها لمستوطنات أو بالهيمنة الكاملة على الإنسان والمكان بالقمع وسلب الحقوق التي نادت بها الأمم المتحدة عند نشوئها ولم تخضع هذه الدولة الغاصبة لبنود هذه الحقوق ولا لقراراتها إما بعدم التطبيق أو بالاعتراض الذي تعلنه أمريكا من خلال الفيتو كما حدث ويحدث اليوم بعدم انخراط مندوبها في صفوف الدول التي تنادي بإيقاف الحرب على غزة وبقية الأراضي والمدن والبلدات الفلسطينية التي يواجه مواطنوها هذه الحبر الضروس بصدور عارية وبطون خالية وخذلان بتواطؤ غربي وأوروبي وربما حتى من الدول التي تشكل ثقلا في ما يسمى بالدول العظمى الأخرى التي تقف في الحياد .
أتذكر وثيقة تؤيد هذا الكره في اليهود من أمريكا والمحبة المزيفة ولأنهم يبحثون عن الطريقة التي تبقي اليهود في فلسطين وكأنهم يطبقون خطاب ينسب إلى بنيامين فرانكلين الذي حذر الأمريكان من مخاطر اليهود في الولايات المتحدة وقيل أن هذا الخطاب ألقاه تشارلز كوتوسورث عام 1987في مؤتمر فيلا دلفيا حيث نشرته صحيفة الندوة مترجما للعربية وسبق أن كتبت عنه مقالاً قبل عقدين والذي أكد في هذا الخطاب خطر اليهود على الولايات المتحدة وقال : في كل أرض حلّ فيها اليهود أطاحوا بالمستوى الخلقي وأفسدوا الذمّة التجارية فيها ولازالوا معزولين لا يندمجون بغيرهم وأن اضطهادهم أدى إلى خنق الشعوب واستشهد بدورهم السيء في اسبانيا والبرتغال وأكد أنه إذا لم يبعد هؤلاء بنص الدستور عن أمريكا فإن سيلهم سيتدفق لأمريكا في غضون مائة سنة مما سيجعلهم يحكمون شعبنا ويدمرونه ويغيرون شكل الحكم ولن تمضي مائتي سنة حتى يكون مصير احفادنا أن يعملوا في الحقول لإطعام اليهود وشبههم بالفهد الذي لن يستطيع تغيير جلده الأرقط واعتبر وجودهم خطرا وقال إنكم إن لم تبعدوا اليهود نهائيا فسوف يلعنكم أبناؤكم وأحفادكم في قبوركم ولذلك فالأمريكيون كما هي دول أوروبا تخشى هزيمتهم ومن ثم عودتهم ولذلك فهم يدعمون بقاءهم في فلسطين حتى لو خسروا مقابل ذلك مكرهين فضلا عن معاداتهم للإسلام التي ظهرت في سنين الاستعمار وسنين الدمار ولو تذكروا حماس حكمة هتلر ما قاموا بهذه الحرب حيث شبه الحرب كفتح باب غرفة مظلمة لن تعرف أبدا ما الذي سيحصل من بعد فتح هذا الباب ولذي قال : كان بإمكاني إحراق جميع اليهود في العالم لكني تركت أقلية منهم ليعرف العالم لماذا أحرقتهم ووصفهم بالقذرين والكذابين .
نعود لحماس وحزب الله وغيرها من الأذرع الصفوية التي تحاول تطلق أخبار الانتصارات الوهمية وفق إعلامها العسكري الذي عادة ما يكيل الثناء للمقاومة وفي الحقيقة أن غزة لم تكن كما وعدوا مقبرة لجيش العدو في حالة دخولهم غزة بقدر ما كانت ولم تزل مع الأسف مقابر للعزل الأبرياء الآمنين من الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره بسبب هذه العنتريات التي تطلق من خارج فلسطين لقادة يعيشون الرفاهية بكل ما تعنيه الكلمة خارج فلسطين وهم يؤتمرون بأمر المعممين الذين يسعون لتوسيع دائرة الحرب لتشمل لبنان واليمن تدبيراً وتدميراً عن طريق حزب اللات والحوثيين بل وسيحيلون جميع المعونات باعتبارهم أثرياء هذه الحروب لحساباتهم الشخصية ظهرت جلية بعد موت عرفات وتظهر وستظهر اليوم ومستقبلا في حسابات هؤلاء الذين يزجون بهؤلاء الفلسطينيين في أتون حروب غير متكافئة لا في العدد ولا العدّة والعتاد والذي خلف آلاف القتلى وعشرات الآلاف من الجرحى والمصابين والمهجرين قسرا الذين قارب عددهم سبعين ألفاً بين قتلى معظمهم من النساء والأطفال والمفقودين ربما تحت الأنقاض حسب آخر الإحصاءات بعد أن فقدوا كل ما يملكون وافتقدوا لبيئة آمنة تحميهم من هذه الحرب المفتعلة بحجة أنهم سوف يهزمون إسرائيل وسوف يحررون القدس وكأنهم يتعاملون مع منظمة تشبههم وليست دولة وكأنهم لا يعلمون أن اليهود سيبقون وأن المسلمين سيقاتلونهم حسب تواتر الأحاديث حتى يقول الحجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا شجر اليهود ( الغرقد ) الذي تكثف زراعته إسرائيل باجتثاثها لأشجار الزيتون وإحلاله مكانها لعلمهم بهذا الوعد الذي سيأتي آخر الزمن كما ذكر ذلك الشيخ بن باز يرحمه الله بأنه لن يأتي إلا في ظل قوة الإسلام والمسلمين ثم ينتصرون ضد اليهود .
انعطاف قلم:
كل الجهود بما فيها الأممية تبحث عن وقف زمني محدد للحرب مقابل إطلاق سراح المحتجزين لدى حماس التي قبلت بالتفاوض حيث لا نسبة ولا تناسب بين عدد المفرج عنهم في ظل ما تقوم به إسرائيل وحماس صارت ترضى من اللحم بعظم الرقبة فأفرج العدو عن العشرات في الوقت الذي خطف المئات وقتل العشرات ودمر مدينة غزة بشكل شبه كامل ومازالت الأمور تسير نحو العنف وسيأتي يوم تقبل حماس والقيادات الصلح وتبدأ معاناة البناء التي لن يتحملها هؤلاء العنتريون بقدر ما يخططون لتدمير آخر كما حصل سابقا ويحصل اليوم .
0