لا شك أن من يخرج عن نهج قومه ينفصل تمامًا عن الارتباط بهويتهم؛ ليصبح جسمًا غريبًا يرفضه المجتمع؛ كسرطان ينخر الجسد لا يُشفى منه إلا بقطعه!!
ولذا فإن الحوثي بمجرد انحرافه العقدي أضحى مُعطل العقل ظلامي الفكر مسلوب الإرادة تابعًا خانعًا للملالي لا يرى بصيص النور إلا من ثنايا تلك العمائم السوداء؛ لتنزل كبُقع متلونة بالدم الرافضي الذي يُكرس لعنصرية مقيتة منحازة لمذهب تكفيري مُتجرد من معاني الإنسانية، لا هم له سوى الانتصار لأيديولوجيات مشوهة بالحزبية، ملطخة بخبث الطائفية مغيبة في دهاليز الكهنوت الشيطاني المتدثر بالخمئينية الفارسية الفاشية المتغطرسة بداء الكراهية والحقد والمكر، لتنصب شررًا متطايرًا، وشرًّا مستطيرًا، لتصيب كل مُسلم سني يؤمن بالله وحده لا شريك له؛ فضلًا عن كُونه يمنيًا صاحب حق في وطن كان يوصف بـ (اليمن السعيد)؛ فأضحى البائس التعيس في ظل التعسفية الحوثية الممثلة للخمئينية الإيرانية كاحتلال صفوي بوكالة تدّعي العروبة؛ وهي منهم بُراء!!
لقد باءت الشعارات المصطنعة الحوثية (الموت لأمريكا .. الموت لإسرائيل) بالفشل في إقناع الشارع اليمني بالذات والعربي بعامة بجدواها، فقد غلب الوعي بكونها ولاءات مزدوجة ككلمة سر بين الرب الصهيوفارسي وربيبه الحوثي الصاغر الممقوت شرعًا وعُرفًا، المارق خُلقًا وعرقًا؛ وكأنما هي إشارة للدعم اللوجستي لتعميق الاحتلال ولجذب المزيد من القوى للسيطرة على المنطقة بدءًا من بوابة العرب (باب المندب)!! لتكون اليمن نسخة أخرى للعراق الجريح الذي وقع فريسة للمطامع المسعورة شرقًا وغربًا؛ كتمهيد لتوسع وتصافح صهيوفارسي لتطويق المنطقة في إطار حماية البنت المدللة إسرائيل، وتحقيقًا للمشروع المزعوم؛ الشرق الأوسط الجديد، والتي صنعت أدواته وخاماته من عملاء خونة لا عهد لهم ولا ذمة، بعد أن حقنوا بتغريبة مُخدرة كشبو يدمر خلايا المخ؛ لتتعطل معه قوى الروح والإنسانية، ليتحوَّل إلى اللا إنسان، في انتكاسة فطرية تعود بهم لمغبة الجهل والتخلف لعصور سحيقة!!
لقد نجحت الصهيونية بمعاونة أداتها الرافضية في اجتثاث القيم الدينية والأخلاقية لتقتلع معها الهوية العربية والإسلامية الأصيلة؛ لتزرع محلها (اللا هوية) ليعيش أولئك التيه والضياع في تخبط أعمى كعقاب إلهي لمن حاد عن الطريق القويم والصراط المستقيم، كما ورد أنَّ النَّبِيَّ -صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ- خَطَّ خَطًّا ثمَّ قال: هذا سَبيلُ اللَّهِ، ثمَّ خَطَّ خُطوطًا عن يَمينِهِ وعَنْ يَسارِهِ ثمَّ قال: هذِهِ سُبُلٌ، عَلى كلِّ سبيلٍ منها شَيطَانٌ يَدْعو إليهِ، ثمَّ قَرَأ (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ).
وتلك مغبة كل منحرف عن الحق متماد في الضلال المبين، معرض عن الهدي مرتكس في الغي، ليكون الجزاء من جنس العمل!!
ولأن الحوثي أضحى وصمة عارٍ في جبين العروبة تحديدًا بأفعاله الصبيانية وتبعيته الفارسية التي انعكست وبالًا على (يمن العروبة)؛ ليضحي أشلاء ممزقة، يتجرع اليمنيون ويلات عنجهية فاجرة وظلامية مدلهمة في الغباء والجهل والردة عن جادة الدين القويم – فإن الحوثي لم يعد سيفًا مُصلتًا ضد قومه وحسب بل أصبح تهديدًا للمنطقة بأسرها كقاعدة إرهابية تؤزها قوى الشر الصهيو فارسية كجسم منتن فاسد ما إن يتحرك حتى تنتشر فيروساته وجراثيمه النجسة لتسم الأجواء!!
ولقد عملت الدول الكبرى على تغذيته وتقويته ودعمه جنبًا إلى جنب مع إيران وأذرعها المختلفة من خلال مدّه بالسلاح والخبراء لتقوى شوكته، ولئلا يتم القضاء عليه البتة، كما حالت دون استحواذ الشرعية على ميناء الحديدة؛ ليبقى منفذًا يضمن وصول الشحنات إليه، ظاهرها (مساعدات إنسانية) ليظل عنصرًا حيًّا (كـحيّةٍ مسمومة) لتهديد دول الجوار، وكقاعدة لمطامع غربية وإن بدأت إيران سيدة الموقف، لتظل هي الأخرى رهنًا ويدًا طولى للغرب، ومع كل ذلك التكتل والتحالفات الخفية والمعلنة استطاعت دول التحالف قمع تلك المطامع التي عنوانها الحوثي كممثل إيراني – لتحجمه في دائرة ضيقة تختنق فيها أنفاسه، لتأتي الحلقة الثانية من المسرحية الهزلية التي نسجت خيوطها المشؤومة في المطبخ الأمريكي كمماتعة صهيونية فارسية بطلها الحوثي؛ ليظهر كشخصية عربية عصامية تتحدى القوى كمهدد لإسرائيل؛ نصرة لغزة، ليطلق عندئذ صواريخه البائسة لتسقط يمنة ويسرة وكأنها؛ هي الأخرى ضلت طريق الأقصى؛ لتذهب لمصر حينًا وللأردن حينًا آخر بحثًا عن الأقصى، أو ربما لتصيب جنديًا إسرائيليًا تراءى لهم من خلال أخيلاتهم المتلبسة بالجنون!!
ولكن يا ترى ما الهدف من وراء تلك الصواريخ التي لم تُعر وقتها أي اهتمام أو حتى استنكار؟!
ثم لماذا القرصنة التي اتخذت ناحية إعلامية مضخمة لتبرز الحوثي كقوة مهددة للملاحة في حين يمكن تثبيتهم في كهوفهم بمجرد إشارة أمريكية فضلًا عن كلمة أو تهديد؟!
يا ترى هل تظن أمريكا أنها ستنجح في مخططاتها بعد أن استيقظ وعي الشارع العربي بما يُحاك ضده للإطاحة بدوله وتهديد وحدته، أم أنها ستتخذ استراتيجيات أخرى من خلال الضغط الاقتصادي، وخلق المشاكل وإثارة الفوضى وزرع التفرقة والتناحر ليتنامى دور (الطابور الخامس) كقوة تنشأ من ذات البلد تُمثل توجههم وتنفذ إرادتهم، كحال الحوثي في اليمن أو داعش أو الحشد الشيعي في العراق أو حزب اللات في لبنان، لتعمل كل تلك الطوائف تحت مظلة تتخذ مسميات براقة خادعة وجاذبة بمغريات متعددة تكتسح عقول السذج؛ لتسحرهم بوعود زائفة مؤداها الخسران المبين!!
أليست لعبة غبية أهدافها مكشوفة أتخذت كذريعة لحشد القوى للسيطرة على الملاحة الدولية في باب المندب من جانب؛ ولتكون كقاعدة بحرية تهدد أمن واستقرار المنطقة، ولربما تتخذ بُعدًا آخر في تحويل خط الملاحة البحري إلى اتجاه مغاير، ولربما الحرب على اليمن لتسليمه كاملًا لإيران كحال العراق ولبنان، ولربما لتكريس الضغط على مصر كبلد له ثقله بين دول المنطقة!!.. عدة سيناريوهات وضعت النقطة الأولى لكتابة نصوصها (حماس) لتنطلق منها لأبعاد أخرى ممنهجة ومخطط لها تراهن لنجاحها على تلك (الذيول المتعربة) التي فقدت كل قيم الرجولة والانتماء، لتبيع أوطانها وأعراضها بثمن بخس؛ كخستهم ووضاعتهم ودناءتهم؛ فالحقير لا يرى لنفسه وزنـًا بعد أن أصبح جسدًا خوارًا خاويًا من الروح والإحساس!!
ولأن المنطقة أصبحت على صفيح ساخن؛ فإن المملكة العربية السعودية بوعي قيادتها وحصافة سياستها وثبات مواقفها كقوة لا تتزعزع؛ فإنها تقف بالمرصاد لإفشال أي مطامع أو عدوان يستهدف أمن واستقرار دول المنطقة انطلاقًا من مسؤولياتها ومكانتها كدولة راعية للسلام الإقليمي والعالمي، تسعى دومًا للنماء والازدهار لتنأى عن أي صراعات لا طائل من ورائها!!
حفظ الله لنا ديننا وقيادتنا ووطننا، ووحدتنا وقوتنا وأمننا ورخاءنا!!