المقالات

أحناف العرب قبل الإسلام (٤-٤)

يُشار له بالبنان “ذُو الِإصبَعِ العَدْوَانِيُّ” فهو من الشخصيات الحنيفية المشهورة اسمه حرثان بن محرث بن الحارث بن عدوان، أحد الشعراء والحكماء المعمرين في العصر الجاهلي كان فارسًا شجاعًا مهابًا.
امتلك ناصية الحديث والقول الحسن، وله قصيدة مشهورة، بعض أبياتها صارت حكمًا وأقوالًا مأثورة.
كلُّ امرئ رَاجعٌ يَوْمًا لِشيمَتِهِ وإِنْ تَخَالَقَ أَخْلاَقًا إِلى حِينِ
لا يُخرِجُ الكَرْهُ منِّي غَيْرَ مَأْبِيَةٍ ولا أَلِينُ لِمَنْ لا يَبْتَغِي لِيني
وعرف عن النابغة الذبياني إِمَامَةِ زِيَادْ بن مُعَاوِيَة أنه من فحول الشعراء في الجاهلية، كانت تضرب له قبة من جلد أحمر بسوق عكاظ؛ فيقصده الشعراء لعرض قصائدهم عليه.
من سادة قومه وكانت له حظوة عند النعمان ملك المناذرة، وكذلك عند ملوك الغساسنة اعتنق المسيحية، ذكر الصليب في شعره، وعاش عمرًا طويلًا.
كما اعتنق المسيحية عُبيد الله بن جحش بن رياب من أسد بن خزيمة، افتتن وتنصر بالحبشة فمات وهو نصراني وأبت زوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان أن تتنصر، ومن الخطباء الوعاظ قبل الإسلام القلمس بن أمية بن عوف الكناني، أبو ثمامة، من بني الحارث بن مالك بن كنانة: كان اسمه “جنادة” والقلمس لقبه، ومعناه السيد أو الداهية البعيد الغور، كان يخطب بفناء الكعبة، وكانت العرب لا تصدر عن مواسمها حتى يعظها ويوصيها.
ومن أبرز شعراء الملة لحنيفية زُهَيْرْ بن أَبِي سُلْمَى رَبِيعَة بْنْ رَبَاحْ اَلْمَزْنِي اَلْمُضَرِيَّ، أحد أشهر شعراء العرب وحكيم الشعراء في الجاهلية، وأنه كان عفيف النفس، مؤمنًا بيوم الحساب، يخاف لذلك عواقب الشرّ، ولعلّ هذه الأخلاق السامية هي التي طبعت شعره بطابع الحكمة والرصانة، فهو أحد الشعراء الذين نتلمس سريرتهم في شعرهم، ونرى في شعرهم ما انطوت عليه ذواتهم وحناياهم من السجايا والطبائع، دعا إلى الإسلام قبل ظهوره ومن جيد أقواله وأصدقها:
وَمَهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خَليقَةٍ وَإِن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ
وأبينها قوله:
فَإِنَّ الْحَقَّ مِقْطَعَهُ ثَلَاثٌ يَمِينٌ أَوْ نَفَارٌ أَوْ جِلَاءُ
ونختم بشخصية عبيد بن الأبرص الأسدي من مضر، وهو شاعر من دهاة الجاهلية وحكمائها، ويعد من أصحاب المعلقات، كان من ذوي الشأن في قومه من المعمرين الذين عرفوا بالنجدة والمروءة، واتصف بالخُلق الكريم والحكمة الناضجة، حيث أكثر من ذكر الثواب والعقاب، والتأمل بالوجود والمصير، والحض على فعل الخير، والتحلي بحميد الخصال.
وهو القائل :
مَن يَسأَلِ الناسَ يَحرِموهُ وَسائِلُ اللَهِ لا يَخيبُ

عاش زمنًا طويلًا وقد كانت نهايته حكاية مأساوية؛ حيث حصلت في يوم البؤس الخاص بالمنذر بن ماء السماء، وقد كان المنذر يقتل أي شخص يفد عليه في هذا اليوم، وقد كان سوء الحظ ملازمًا لعبيد بن الأبرص حين كانت الوفادة من نصيبه في هذا العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى