المقالات

الامتثال.. مابين القدوة والواقع

تُعد القدوة الحسنة من القيم الفاضلة في حياة المجتمعات، فكلما كانت هذه القدوة تُطبق ما تقوله في تفاصيل حياتها، وكلما تؤكد على ما تتحدث به دائماً وتفعله في كل مكان كلما كانت محل تقدير وثقة واحترام في نفوس الآخرين، وبالإمكان القياس على مجمل الأشخاص في المجتمع من آباء ومعلمين وأطباء ومهندسين وهكذا، كذلك من الممكن الاقتداء بمختلف الإدارات الحكومية والخاصة من حيث الالتزام بأنظمتها الثابتة، وتعاملاتها الجيدة، وحسن أدائها. ولكن إذا كان مثل هؤلاء الأشخاص، أو حتّى تلك الإدارات ليسوا على قدرٍ واسع من الاهتمام بقيمة القدوة من حيث ضرورة ملائمة الأقوال مع الأفعال فإنهم إن أرادوا من الآخرين قبول أمر من الأمور الهامة والعمل به فليس من المستحيل تحقيق ذلك العمل، وإنما من الصعوبة تنفيذه، وإن تم تنفيذ ما يُطلب فسيكون ولكن بلا أي قناعة تذكر. باختصار إذا أردت حسن الاستجابة في الآخرين فمن الأولى رؤيتها عليك أولاً.

وفي جانب آخر غير بعيد لو أحببنا أن نتطرق عن مفهوم نظام الامتثال في أمانات المدن وبلدياتها عبر التعريف الوارد فهو عبارة: عن شهادة دورية تُمنح للمستفيدين تثبت خلو المباني للحد الأدنى من عناصر التشوه البصري والتزامها بالمتطلبات البلدية للمبنى. وهذا شيء جيد وجميل ولكن أيضاً في المقابل نأمل أن يصدر من وزارة الشؤون البلدية والقروية الموقرة ( نظام امتثال) للأمانات وبلدياتها الفرعية حيث يتم محاسبتها عن كل مايقع في نطاق محيطها من مسؤوليات ومهام سواء في: الميادين العامة، أوالشوارع الرئيسة، أوالشوارع الفرعية، إضافة إلى الأحياء السكنية، والنظافة العامة، فما نراه في بعض الأماكن من طرقات ذات حفر عميقة تظهر مشاكلها خاصة في حال هطول الأمطار الغزيرة وما تسببه من إصابات للمارة أو أضرار بالغة في المركبات، ومن أرصفة مكسرة تنال من سلامة المشاة، ومن أعمدة إنارة متهالكة وغير مضيئة قد تتسبب في إحداث مشاكل كبيرة، ومن بعض أحياء متدنية النظافة تؤثر على صحة الإنسان، وغيره من المناظر السيئة التي تجلب التعاسة في نفوس الناس.. وهي في الحقيقة أولى بمعالجة التشوه البصري.. فليس من المقبول وعلى مدى عقود مضت مازالت بعض الأماكن بها من التشوه البصري الشيء الكثير وخاصة في بعض الأحياء القديمة ولم تتم المعالجة الناجعة لها.

إن مكافحة التشوه البصري في المدن والمحافظات ياوزارة الشؤون البلدية والقروية مطلب حضاري ونؤكد عليه جميعاً، بل وندعم مثل هذا التوجه ونحرص على أهمية تنفيذه في جميع أرجاء مناطق مملكتنا الغالية، ولكن في الحقيقة من المهم ضرورة التوازن بين جانبي القدوة والواقع بمعنى أن تطبيقه ومن الطبيعي أن يبدأ في نطاق أعمال الأمانات والبلديات عبر اكتمال الخدمات البلدية اللازمة، والخدمات الترفيهية للمواطنين فبلا شك تدرك الوزارة جيداً أبعاد: “برنامج جودة الحياة” بكامل تفاصيله، وهي بالتأكيد تسعى إلى تطبيقه على أرض الواقع ووفقاً لما ورد في تحسين جودة الحياة: “…رفع مستوى مدن المملكة؛ لتتبوأ مكانة متقدمة بين أفضل المدن في العالم”وحين يتحقق المأمول من الأمانات والبلديات أولاً هنا نستطيع أن نقول أننا شاهدنا فعلاً ماتنادي به الوزارة من امتثال للمباني فهي تطبقه في الأصل بين جنباتها وهذا المفترض، وبالتالي وجوب التزام أصحاب المباني بمكافحة التشوه البصري في حدود ممتلكاتهم، ولا نأمل أن نقول أن لا وفاق يذكر بين اقتداء الوزارة في مايخص أعمالها وما بين الواقع المشاهد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى