البطالة والفقر والاضطهاد ثالوث يحاول الأثيوبيون الهروب منه، متخذين الهجرة شعارًا لهم، سواء كانت بصورة قانونية أو غير قانونية، عبر رحلة أطلقوا عليها (طريق الشرق) وهو ما دفع المئات من الأثيوبيين إلى قرار الهجرة والخروج من بلادهم التي تُعد من أفقر البلدان الأفريقية؛ حيث يفر الآلاف منهم عامًا تلو الآخر هربًا من الصعوبات الاقتصادية وويلات الفقر في بلادهم، ويتدفق عدد كبير منهم إلى بلدان الشرق الأوسط؛ خاصة إلى بلادنا المملكة العربية السعودية .
ورغم أن الكثير من الدول الكُبرى تُشجع على الهجرة إليها لأهداف من بينها استقطاب المبدعين والمفكرين ودمجها في مجتمعاتهم وتوفير البيئات المناسبة لهم من أجل الاستفادة منهم في تنمية وتطوير تلك الدول، إلا أن ما يحدث من دخول للعمالة الأثيوبية بطرق التهريب التي ربما كان لبعض المواطنين – ضعاف النفوس – دور فيها حيث قدموا مصالحهم الخاصة على أمن ومستقبل وطنهم، بعد جريمة لا تغتفر أسهمت وبلا شك في ارتفاع معدلات الجريمة بأنواعها المختلفة، رغم الجهود الأمنية الكبيرة والمتواصلة للحد من المُتسللين وملاحقتهم .
وحتى لا يتهمنا أحد بالعنصرية الممقوتة شرعًا وعرفًا وقانونًا؛ فإننا لسنا ضد وجود الأخوة الأثيوبيين في بلادنا ولكننا ضد الوجود العشوائي وغير الشرعي؛ فبلادنا ولله الحمد توفر فرص العمل للوافدين من مختلف الجنسيات ومن كل دول العالم فهم محل احترامها وتقديرها ورعايتها، لكنها لا ترضى أن تكون مسرحًا للعمالة (غير النظامية) التي جاءت لتُمارس أدوارًا خفية أو تعمل على الإخلال بالأمن، لا سيما وأن مجتمعنا متمسك بقيمه وأخلاقه المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام؛ فتواجد أعدد كبيرة من الشباب والشابات الأثيوبيين وسكنهم مع بعض في منازل مستأجرة لهم رغم عدم وجود أي صلة رحم تربط بينهم في بلد إسلامي يُعد شرخًا كبيرًا في مفهوم القيم لأجيالنا القادمة، وقد بات من الضروري أن يكون بحوزة كافة المقيمين على أراضينا وثائق سفر وإقامة نظامية ويخضعون لنظام البصمة، وهو أمر يُمثل قاعدة معلومات مهمة يمكن اللجوء إليها لمكافحة الجريمة الفردية أو المنظمة، أو تلك المتعلقة بزعزعة أمن الوطن .
وختام القول.. فإن العلاج لهذه الظاهرة يكمن في الضرب بيدٍ من حديد على كل مخالف ومتجاوز للأنظمة والتشهير بكل من يتورط في نقل وإيواء وتشغيل أولئك المتسللين في مختلف وسائل الإعلام، إلى جانب تحفيز المواطنين المُبلغين والمتعاونين مع الجهات الأمنية بمزايا مادية ومكافآت رمزية خاصة وأن خطر المتسللين الأثيوبيين بات لا يقتصر على مخالفة أنظمة وقوانين الدولة، بل زادت جرائمهم في الآونة الأخيرة وتعددت أساليبها، والتي باتت السمة الغالبة عليها جرائم “القتل” تلك الجريمة التي تتعدى تبعاتها إلى ما بعد القبض على القاتل وحتى تطبيق العقوبة عليه، فأثرها يبقى بالنفوس وألمها النفسي لا ينتهي، وما حصل في محافظة “جدة” مؤخرًا من جريمة نكراء راح ضحيتها أحد الشباب السعوديين الذي دفعه واجبه الوطني وحسه الأمني إلى التبليغ عن أحد المروجين للمسكرات إلا أكبر شاهد على خطر هؤلاء الأثيوبيين المتسللين مما يؤكد لنا أنه يجب أن تتضافر جهود المواطنين والمقيمين على ثرى هذه البلاد الطاهرة، وأن يستشعروا مسؤولية التعاون مع رجال الأمن بشتى الطرق والوسائل في حال الاشتباه بأي شيء قد يُهدد الأمن والاستقرار خاصة مع ازدياد تجاوزات الغالبية من هؤلاء المتسللين، كما أنه يقع على عاتق المدارس والجامعات ومنابر الجمعة الدور الكبير والمهم في ضرورة تبيان وإيضاح آثار وتداعيات التستر على المتسللين، وكشف مخاطرهم وأهدافهم الحقيقية، وأثرهم على الأفراد والمجتمعات .
وخزة قلم :
ترحيل المُخالف إلى بلاده قبل أن يتخذ بحقه عقوبات جراء تسلله واختراقه للحدود والأمن قد يكون سببًا لانتشار هذه الظاهرة .