مما حفزني لكتابة هذا المقال هي سلسلة المقالات عن المعلم التي كتبها معالي أ.د. بكري عساس لاستشعاره بأهميتهم لصناعة الرجال. كما أنهم من يؤثرون في مستقبل المجتمعات؛ حيث يمنحون الأطفال هدفًا، ويهيئونهم للنجاح كمواطنين في عالمنا المعاصر، ويلهمونهم إلى ذلك فأطفال اليوم هم قادة الغد، والمعلمون هم من يجعل الطفل مستعدًا لمستقبله بما تعلمه منهم وتشكَّلت به عقليته، ولذلك وظيفتهم هي أهم وظيفة في العالم؛ لأن أثرها ينتقل من الفرد إلى المجتمع.
ويؤثر المعلمون بكونهم يُمثلون نظام دعم غير موجود في أي مكان آخر في حياة الطلاب، والمعلمون العظماء لديهم القدرة على تغيير الحياة للأفضل. كما يمكن أن يكونوا نموذجًا يُحتذى به ومصدر إلهام للمضي قدمًا وتحقيق حلم أكبر لأوطانهم. ويحملون الطلاب المسؤولية عن نجاحاتهم وإخفاقاتهم، ولن يسمح المعلمون الجيدون لطلابهم الموهوبين بالإفلات من عدم الارتقاء إلى مستوى إمكاناتهم الكاملة. كما يعتبرون القدوة لطلابهم لما يحدثونه من أثر في حياتهم.
المعرفة والتعليم هما الأساس لكل ما يمكن تحقيقه في الحياة. يوفر المعلمون بإخلاصهم قوة للتعليم لشباب اليوم، مما يمنحهم إمكانية تحقيق مستقبل أفضل. ولذا فالمعلمون يشكلون القوة التنفيذية لنجاح التعليم في أي بلد. ويقدمون التوجيه والإرشاد لطلابهم؛ نظرًا لرؤيتهم لنقاط القوة والضعف لديهم لتطوير أنفسهم لمواجهة المستقبل؛ كونهم مصدر إلهام وتحفيز لهم. كما يلعب المعلمون دورًا كبيرًا في التنمية الاقتصادية للبلاد، لأن التعليم هو جانب أساسي في تنمية أي بلد وجودة الحياة فيه.
ولن يحدث ذلك إلا إذا كان المعلمون بمواصفات راقية تفرق بين المعلم الجيد والمعلم العظيم؛ مثل الرحمة في تعاملهم مع طلابهم وزملائهم وموظفي المدرسة وأولياء الأمور، ولديهم الشغف بتعليم الجيل وهذا يخفف عنهم الإرهاق في التدريس، لقدرتهم على فهم عميق للبيئات التي يأتي منها طلابهم وقدراتهم المتفاوتة؛ لصبرهم على طلابهم في مراحل تعليمهم. ولحرصهم على أن يكونوا قدوة لطلابهم، وقدرتهم على التواصل بين الطلاب من أجيال وثقافات مختلفة، والاستعداد لبذل الجهد لنجاح العملية التعليمية مما ينعكس على طلابهم.
ولنجاح عملية التعليم يجب الاهتمام بمرحلة إعداد المعلمين في معاهد المعلمين، وكليات التربية، ودورات معهد الإدارة العامة، ببنية تحتية متقدمة، واختيار الفئات المبدعة منهم وتوفير المرتبات الكافية، والتخفيف عنهم صعوبات الحياة؛ لكي نوفر لهم الاستقرار بأنواعه مما يجعلهم يتفرغون للعملية التعليمية بكامل طاقاتهم التي تستنزفها الحياة، والعمل المستمر لتنمية ذاتهم وتطوير مهاراتهم، وتعزيز هيبتهم لدى الطلاب؛ فهم العمود الفقري للمجتمع وأساس لتقدمه.
وهمسة أقدمها للمعلمين بأن التعليم رسالة وليس وظيفة، والتعليم يُجسد دور الأنبياء، كما أن أجره عظيم، وتذكروا بأن إخلاصكم يجعل طلابكم يدعون لكم طوال حياتهم، وثمار جهودكم تجنونها في الدنيا والآخرة. كما أن جهودكم هي التعليم والتربية للأجيال وغرس القيم، وتشكيل السلوك بالأخلاق الحميدة يتسبب بجود مجتمع خالٍ من الفساد والجرائم.
عضو هيئة تدريس سابق بقسم الإعلام – جامعة أم القرى
0