“كان فرحي الوحيد حسب ما أذكر هو ألا يكتشف أحد مدى التعاسة التي كنت أشعر بها”
بعيداً عن بوابة الشقاء التي يريد أن يفتحها “كيركيغارد” هنا، وحجم الدمار الذي يمكن يجتاحنا بمثل تلك الكلمات، إلا أن هنا نافذة بيضاء جميلة وطالماٍ أحببتُ أن أطل منها، لأجل ذواتنا بالمقام الأول، ولأجل من يستحق ذلك البياض ممن هم حولنا ويقرأون حروفنا.
مما لا شك فيه أن الحياة لا تنصف بما تتمنى، وهذا مما درج حتى لا تجد من يناقش فيه، ولست أنت وأنا بدعاً في هذا ، وربما عدم فهم التصور العام لانعدام – ما نسميه الانصاف – وضعف البصيرة تجاه الحكمة، وقلة العلم توحي بشيء من تلك الحسرة على فائت، وتعاسة تجاه مأمول لم يحالفنا الحظ في تحقيقه.
النور الذي أحرره هنا أو- أحاول تحريره- ليس طمعاً في انقطاع عين الشفقة من أولئك المارة، لأن الحصافة تقول: خلف التعاسة التي تستحق الشفقة حكمة بالغة تستوجب الغبطة ربما قبل الشفقة، ولكن ما أرمي إليه هو شأن داخلي، ولعل أقرب ما يكون هو نهاية رحلة الشقاء بنسيانها وموت التعاسة بعدم وجودها على قائمة الواقع، وليس من شيء يذكرني بها أو يعيدها على السطح، ونعم في هذا ما فيه من المثالية، ولكن رغم مثاليتها قد تساعد في خلق بيئة عمق أكثر راحة وأقل ضوضاء، ولو على سبيل المحاولة.
“كيركيغارد” أراد بهذه العبارة إثبات البؤس الذي يعيشه، وأريد منها عكس ما أراد تماماً، فكأني أنكره على الجملة، حتى أني لا أجد تعاسة يمكن أن تُكشف للآخرين، وبهذا ضمان موتها قبل أن ولادتها، ونهايتها قبل أن بدايتها.
الفرحة هنا فرحة مضاعفة، فمع فرحة الداخل والخروج من مأزق شفقتك على ذاتك وانهاء تلك الازمة تماما يأتي معها شعور جميل بالقوة وكأنه انتصار اخر في حربك مع هذه الحياة التي ذكرنا سابقا أنها لن تنصف
ختاماً.. لا تربط قوتك وضعفك بعين الآخر، الأخرون مارّة متجددون ولن يطالك منهم ما تستحق على أية حال.