بسبب طلب العلم والرزق والعلاج وما في حكمهم يقضي بعض الناس بعض الوقت سواء كان أيامًا أم سنين في الولايات المتحدة الأمريكية أو في إحدى دول أوروبا، ويلحظ أمام عينيه أن بعضًا مما يُقال عن هذه الدول من تفكك أسري وفساد أخلاقي ونحوه ليس صحيحًا، وقد يتفاجأ بالعكس؛ ولهذا أرى أن تكون المقارنة وفقًا لما ورد في الآية (8) في سورة الشمس (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) المقارنة بين أهل الخير وأهل الشر، وعدم ربطه بجغرافيا أو حكومات أو الشعوب تأسيسًا على ما يلي:
1- أن جميع الرسل خلق الله ومن نسل آدم ودينهم دين واحد قال تعالى الآية 92 من سورة الأنبياء:
(إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ ۖ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ)
2- أن الخير والشر غير مرتبطين بجغرافيا أو مجتمع؛ فقد كانت امرأة لوط من الغابرين، وامرأة فرعون من القانتين، انظر الآية 11 من سورة التحريم:
(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
3- أن الإسلام والحمدلله ينتشر في كل قارات الدنيا، ويوجد في أمريكا أكثر من 3 ملايين مسلم، ويوجد في أوروبا أكثر من 44 مليون مسلم ودولة مسلمة هي البوسنة، وتوجد في قارة أوروبا دولة واحدة هي فرنسا بها أكثر من 6 ملايين مسلم، وهذا العدد يفوق تعداد بعض الدول الإسلامية.
4- أن معظم أسباب الحروب: اقتصادية؛ أو سياسية وخلافات شخصية وإن وجدت حروب دينية كما تُسمى الحروب الصليبية فهي محدودة، وغالبًا ذلك قناعة أفراد وقناعة الأفراد قد لا تكون قناعة جماعات أو حتى قناعة لأفراد آخرين، ولكن الخطر يأتي من القوة التأثيرية لبعض الأفراد الذين يقتاتون على الأزمات والحروب.
5- أن إقحام العقائد والأيديولوجيات؛ والمذاهب كمسبب للحروب يؤهلها لحروب للإبادة؛ لأن المعتقدات الدينية يصعب تعديلها بالقوة وفيها يقول الله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) (البقرة: 256)، ويمكن التعمل معها وفق ما ورد في الآية (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) (الكافرون: 6).
6- أن القتال والنزاع والحروب سنن من سنن الحياة وظاهرة متكررة ومتصلة، ولا يوجد في التاريخ حقبة إلا فيها حروب، وقد تكون بين أهل دين واحد مثلما حدث في الحرب العالمية الأولى والثانية في أوروبا وبين المسلمين أنفسهم كما حاصل الآن في السودان وليبيا.
7- التوظيف للخلافات الدينية لتأليب المحاربين غير منطقي وغير مُحفز، وهو مثال على الاستراتيجية الفاشلة التي تأتي بنتائج عكسية، والوثائق تذكر أن بعضًا من حارب المسلمين أسلم، ونقلت الصحافة الكثير من هذه الوقائع في الحرب العراقية والحلفاء.
8- أن التمويه والكذب والتحريض لا يخفى على الله الذي يعلم من خلق ويعلم خافية الأعين وما تخفي الصدور؛ وهو من جهه أخرى تكتيك فاشل؛ ويكشف غباء الحرب النفسية، ويقلل من تأثيرها.
والأفضل توظيف السبب الحقيقي، وعلى سبيل المثال الصراع في غزة على أرض الكل يدعي الحق فيها، وكل طرف يُحارب للبقاء أو الإجلاء منها، وقد تكون لأسباب سياسية أو اقتصادية أو حروب بالنيابة، ولكن غير مقنع لكثير من المتلقين أنها حرب بين اليهود والمسلمين؛ لأن اليهود موجودون في دول إسلامية وثاني دين في إسرائيل الإسلام.
9- أن أصول المقارنة العادلة بين شيئين متشابهين يُساعد على اختيار وتميز أحدهما؛ ولهذا حينما تجد أن وحدة التحليل مختلفة كما هو الإسلام والغرب؛ فالإسلام دين والغرب جغرافيا فتكون المقارنة غير صحيحة وموجهة، ولها أجندة، ولو كان من أطلقها لا يدرك ذلك.
10- أن تقسيم البشر إلى شرق وغرب استراتيجيًا قد يكون لها تبعات سلبية، وقد يخدم أعداء الإسلام أكثر ممن يحب الإسلام، ويعمل على نشره والأفضل شرح ماهية الإسلام وأركانه وجواهره، والمتلقي هو من يُقارنه بغيره.