من فنون دراسة الشخصيات الفاعلة، البحث عن مفتاح الشخصية المعنية ودراستها بدقة للوقوف على معالمها الحقيقية، والتنبؤ الاجتهادي المشروع بمستقبلها، وهو فن علمي وعريق يتلقى من شيوخه وأساتذته ومعاهده ومدارسه ونظرياته، وتظهر أهميته حين البحث عن مفتاح الشخصية الفاعلة والبناءة والاقتباس من تجربتها، وتجيير خبرتها للأجيال القادمة؛ وخاصة ممن لمعت بصماتها واضحة في الوجود، وأصبحت ذات بُعد اجتماعي وسياسي وإعلامي ودعوي واقتصادي مثل شخصية الأمير محمد بن سلمان (حفظه الله) المتميزة، وعُرف عملاق الأدب العربي الكاتب والشاعر والناقد (عباس محمود العقاد -رحمه الله-) بمنحى علمي معروف في بحوث عبقرياته، وهو بحثه العميق عن أقرب المناحي العلمية لفك شفرة دراسة الشخصية المعنية بالبحث، والتعمق في جوانب حياتها، وذلك بالتركيز على المنحى النفسي الدقيق للشخصية وانعكاساتها وصداها على جوانب حياته المختلفة؛ نظرًا لكونها الصفحة البيضاء التي تتجلى عليها معالم الشخصية، وبالنظر إلى شخصية الأمير محمد بن سلمان (حفظه الله) نلحظ من مواقفه الواضحة والجلية، وقوفه بإيمان وإصرار عند مبادئه، في لبوس حازم ومبدئي، مع صدق اللهجة، والبُعد عن التكلف، والصبغة المبدعة الجامعة، مما يصح وصفه بثنائية المزج بين عزم الشباب وتؤدة وحكمة الشيوخ، وهو مستمع جيد ويصغي لمحدثه باهتمام بالغ، وإذا تكلم نلاحظ عليه حفظ الأرقام، وترتيب المعطيات، وبيان النتائج دون تلعثم ولا تردد، فهو يؤمن بما يقول ويضع النقاط على الحروف، تلك مفاتيح شخصيته المتميزة، والتي انعكست على إنجازاته الباهرة في بحر سنوات محدودة، والتي أجملها باختصار فيما يلي:
١- تأسيس مدينة نيوم ومدينة البحر الأحمر وهي مدن اقتصادية كبرى، وليست ترفيهية كما يظن البعض، وإنما يُمثل الترفيه جزءًا بسيطًا منها، وترشيحها لتكون نواة لبناء إمبراطورية اقتصادية سعودية موعودة مستقبلًا؛ لتكون بديلًا للبترول.
٢- إلزام الشركات العاملة في المملكة بافتتاح مكاتبها في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في العاصمة بالرياض.
٣- توجيه القنوات الفضائية السعودية الخاصة بالعودة إلى المملكة، وبث نشاطها من داخل المملكة.
٤- الإيذان بتدشين حركة الخصخصة لبعض الوزارات الخدمية، من أجل تخفيف العبء عن ميزانية الدولة العامة، والحرص على الجمع بين الكم والكيف، وتقديم الخدمات الصحية والتعليمية الممتازة دون كلفة مع تحري الإبداع والإتقان، وحسن المنتج.
٥- التخطيط لكفاية المملكة من صناعة الأسلحة الثقيلة والخفيفة داخل المملكة بقدر ٥٠٪ بنهاية رؤية ٢٠ -٣٠، واستكمالها فيما بعد.
٦- التركيز على تأهيل الشباب السعودي لسوق العمل مهنيًا وحرفيًا، وتوجيههم إلى القطاع الخاص، مقرونًا بالحوافز المالية.
٧- العناية بتحسين البيئة في داخل المدن والمحافظات السعودية، ومواجهة التشويه البيئي، ومنع الاحتطاب بأقسى العقوبات والتوسع في المحميات، ومن المتوقع (بإذن الله) انعكاس ظهور وتوسع المساحات الخضراء في طول المملكة وعرضها على تحسين البيئة، وعودة الحياة البرية إلى سابق عهدها، وعلى الصعيد الخارجي نلحظ ما يلي:
١- التزامه بسياسة الحياد، كما تجلى ذلك في موقفه من الحرب الروسية الأوكرانية فلم يمل إلى كفتي أحد الفريقين، بقدر ما كان مُحايدًا نزيهًا، توسط بدوره في فك الأسرى لدى الطرف الروسي.
٢- التزم سموه في سياسته البترولية بقانون العرض والطلب مراعيًا مصالح المنتجين والمستهلكين، ولم يخضع للضغط والابتزاز من هذا الطرف أو ذاك.
٣- سعى إلى تنويع مصادر السلاح والتدريب، ولم يحبس المملكة في مدرسة عسكرية بعينها، بل تجاوز إلى رؤية مستقبلية ترقى إلى صناعة السلاح في داخل المملكة وفق خطة مبرمجة وطموحة بإتقان.
٤- الانفتاح الاقتصادي على جميع الأطراف، وتنويع الاستثمارات شرقًا وغربًا على مستوى العالم وجميع الدول والقارات كما تم في الاجتماع السعودي الأفريقي.
٥- السعي إلى تصفير الخلافات مع دول الجوار مشفوعًا باتفاقيات اقتصادية وأمنية وسياسية.. إلخ.
٦- وأخيرًا رفض سموه الكريم، المشاركة في المسرحية الهزيلة، بمهاجمة بعض الجهات اليمنية، والتي تسعى لقطع جزءٍ بسيطٍ من ذنب الأفعى لذر الرماد في العيون، وترك رأسها يتلمظ سمًا ناقعًا.
وبهذا تستبين لنا مفتاح شخصية الأمير محمد بن سلمان (حفظه الله) الفذة، وبهذا الاستعراض الموجز، نقف باحترام وتقدير أمام شخصية عملاقة قوية ذات المبدأ والموقف والحزم، تستطع في سماء العروبة والإسلام، وتنبع من إطارها النفسي الجاد بكل ما تعني الكلمة؛ حيث يسعى سموه بكل جد وإخلاص إلى الرقي بالمملكة ووضعها في مصاف الدول المتقدمة، والانفتاح الحضاري المقنن، والجامع بين الأصالة والمعاصرة لنهضة وطننا العزيز والمقدس، ويبرهن على ذلك:
إعلان سموه المتكرر بتمسك المملكة العربية السعودية وتطبيقها الشريعة وتحكيمها وعدم الحيدة عن ذلك.
وكل هذه الإنجازات الكبيرة تمت في سنوات معدودات، فعلى الشعب السعودي أن يُقابل هذا الزعيم الفذ، حبًا ودعمًا وقطع الطريق على المثبطين والمرجفين من أعداء بلاد الحرمين الشريفين، الذين يشعرون بالإحباط من وصول القيادة الشابة عضدًا وساعدًا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (حفظه الله)، ومن المهام الأساسية للشعب السعودي في هذا الأوان، الالتفاف حول قيادته، ومعرفة المتآمرين الذين يدعون الصداقة للمملكة، وتذوب أحاديثهم كالعسل المصفى والسكر المُذاب، بينما تقطر قلوبهم وأعمالهم وخططهم سمًا ناقعًا، من خلال قراءة واعية وفاحصة للخارطة الجغرافية المحيطة بالمملكة، والتركيز على الوقائع على الأرض، وقلب ظهر المجن للإعلام المضلل والأقلام المأجورة، الذين يشعرون بالفزع الشديد من كشف خبايا مكرهم وخداعهم تجاه المملكة وقيادتها وأمنها واستقرارها وشعبها ومنهجها العربي والإسلامي الأصيل، ويُقابل هؤلاء المخادعين المنافقين، فئتان يسعيان إلى تعطيل وتهميش القوة الناعمة الهائلة للمملكة وإفراغها من محتواها، فقبيل يرى أن الاقتصاد والاستثمارات التجارية أمضى وأقوى تأثيرًا مجردًا من البُعد الدعوي وعدم إعارة الاهتمام به، ويُقابلهم دعاة التحزب والتصنيف والتبديع والتكفير ومحاولة حصر المملكة وتجييرها التجديدي والرائد والقائد والذائد في نطاق فكر جماعة متطرفة وعقيمة وساذجة ومتعصبة، وأما العملاء الذين يرفعون عقائرهم بالعداء السافر والمعلن للمملكة وقيادتها ونهجها وأمنها واستقرارها، والذين يعيشون على العلف الحرام، ويتقلبون في أحضان الدول الغربية، وتمولهم القوى المُعادية للإسلام وبلاد التوحيد والوحدة، وتفتح لهم قنواتها ومواقعها من أجل هدم صرح دولة التوحيد والتجديد..
وعلى الشعب السعودي التحلي بالوعي لما يُحاك لبلادهم المقدسة وقيادتهم المخلصة، من مؤامرات خرجت للعلن، ولم تعد في طي الكتمان وتجاوزت فكرة المؤامرة، فلا مجاملة بعد اليوم للعقارب والثعالب والذئاب البشرية الشريرة على حساب أمن المملكة ووحدتها واستقرارها وقوتها، فالعقيدة، والوحدة، والأمن والاستقرار، والقيادة، خطوط حمراء لا يسمح بانتهاكها أو تهديدها، وعلى جوانبها يُهراق الدم الطاهر لحمايتها والذود عنها.
0