قبل أيام أطلت علينا إحدى المُعلمات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهي توجه رسالة مخاطبة الآباء والأمهات أولياء أمور الطالبات بأنها ليست مسؤولة عن تربية بناتهم وأن دورها لا يتعدى تقديم معلومات للطالبات، أما التربية والأخلاق بزعمها تبقى مسؤولية الأسرة، كما ذكرت المعلمة وهي تظهر بكامل زينتها بأنها حرة في سلوكها، وهي تعمل بما تعتقده، وبما هي مقتنعة فيه من تصرفات، والحقيقة عندما نسمع مثل هذا الكلام من شخصية تربوية نترحّم على من مات من الآباء والأمهات وندعو لمن بقي منهم على قيد الحياة بالصحة والعافية؛ حيث فهموا المعنى الحقيقي للعملية التعليمية دون أن يتخرجوا من جامعات بل لم تُساعد الظروف الكثير منهم للالتحاق بالمدارس في ذلك الوقت؛ ومع ذلك فقد كان خطابهم للتربويين وشعارهم الدائم (لكم اللحم ولنا العظم)؛ إيمانًا منهم بأهمية وقيمة التربية قبل التعليم، وبأن التربية هي من تقود الطالب للتعليم والتعلم بصورة صحيحة.
إذا كانت هذه المعلمة تجهل مدونة قواعد السلوك الوظيفي وأخلاقيات الوظيفة الخاصة بشاغلي الوظائف التعليمية فتلك مصيبة وإن كانت تتجاهلها فالمصيبة أعظم؛ حيث تُعد هذه المدونة مكملة لمدونة قواعد السلوك الوظيفي وأخلاقيات الوظيفة العامة الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (555) الصادرة عام 1437هـ؛ الأمر الذي يدعو المسؤولين في وزارة التعليم للتأكد من وصول هذه المدونة لكافة المعلمين والمعلمات بل ونتمنى على الوزارة أن يكون معرفة ما تحويه المدونة جزءًا من تساؤلات اختبار القبول في الوظائف التعليمية، وكذلك اختبار الترقيات على الوظائف التعليمية؛ حيث تتكون مدونة سلوكيات الوظائف التعليمية من (13) مادة، وكان في مقدمتها أن الأخلاق والآداب الإسلامية تُمثل المنبع الأساسي لشاغلي الوظائف التعليمية كما أن من أهم أهداف المدونة تعزيز القيم والمبادئ المهنية والأخلاقية في علاقة شاغل الوظيفة التعليمية مع رؤسائه ومرؤوسيه وزملائه وطلابه وأولياء الأمور، ونشر تلك القيم والمبادئ في البيئة التعليمية والالتزام بها. كما نصَّت المادة الأخيرة من المدونة على أن مخالفة الأحكام الواردة في هذه المدونة تُعرض شاغل الوظيفة التعليمية للمساءلة، واتخاذ الإجراءات التأديبية في حقه.
المؤكد أن مسؤوليات المعلم هذه الأيام قد تضاعفت أكثر من أي وقت مضى في ظل تراجع دور الأسرة التربوي، بل تكاد تتحول المسؤولية كاملةً نحو المعلم لتعويض غياب الأسرة عن المشهد التربوي في زخم الحياة المُعاصرة وفي وسط مشاغلها الكثيرة، الأمر الذي أفقد الأسرة القدرة على مواجهة تحدي وسائل الاتصال والتواصل الحديثة المؤثرة التي غزت كل منزل. في اليابان عندما شعروا ببعض الأخطار التي تُهدد الأسرة سارعت وزارة التعليم إلى تشريع مادة لتعليم الطلاب الأخلاق أسمتها: «الطريق إلى الأخلاق»؛ حيث تُدرس هذه المادة من الصف الأوَّل إلى الصف السادس الابتدائي، ويتم خلالها تعليم الطلاب الأخلاق الحميدة وحسن التعامل مع الناس وتنمية حسّ المسؤولية لديهم والتعاون مع المجموعة، والمحافظة على النظام والاهتمام بالنظافة؛ فهم يؤمنون أكثر منّا بمقولة: “التعلم في الصغر كالنقش في الحجر”، وأخيرًا إذا كانت هناك من أمنية بالنسبة لي؛ فهي عودة مسمى وزارة (التربية والتعليم) وعدم الاكتفاء بمسمى وزارة التعليم؛ فلربما هذا الربط يكون أولى مؤشرات الشعور بمسؤولية التربية وأهميتها بالنسبة لكافة أطراف العملية التعليمية.
الختام:
كاد المعلم أن يكون رسولًا..
قالت إيه: قالت أنا ماني قدوة لبناتكم!! امحق مظهر ومنطق.