المقالات

أسباب تحوّل الفساد إلى حرفة..

يعتبر تحوّل الفساد إلى حِرفة آفة خطيرة تُهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لأي بلد أو دولة؛ حيث يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي، ويزيد من الفقر والخلل الاجتماعي.
ويتم تنظيمه بشكل مثير للقلق، ومُصَمَّم بعناية لاستخراج الربح الشخصي والمكاسب غير المشروعة للمسؤولين والأفراد ذوي النفوذ. يؤدي التسلط السلبي للفساد إلى انعدام الثقة بين المواطنين ومؤسسات الحكومة العامة، ومع مرور الوقت، يصبح الفساد ثقافة معروفة ومقبولة في المجتمع، مما يُعيق الجهود المبذولة للقضاء عليه.
ولكن بالطبع هناك أسباب لتحول الفساد إلى حِرفة، ومنها:
١- ضعف التشريعات والقوانين لدى كثير من الدول: عندما يكون هناك ضعف في التشريعات وعدم وضوح للقوانين؛ يصبح الفساد أسهل في القيام به والتستر عليه.
٢- ضعف الرقابة: إذا كان هناك ضعف في نظام الرقابة والمحاسبة على الأفعال الفاسدة؛ فسيصبح من السهل على الأفراد المتورطين في الفساد التخلص من العقاب والعمل بحرية.
٣- الفقر والظروف الاقتصادية الصعبة: في الدول التي تعاني من الفقر، يصبح الفساد وسيلة للبقاء والتحسين الاقتصادي. ويلجأ البعض إلى الفساد لكسب المزيد من المال أو لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
٤- الثقافة الفاسدة: إذا كانت هناك ثقافة عامة في المجتمع تتقبل الفساد وتروج للممارسات الفاسدة؛ فإن ذلك يسهل على الفاسدين العمل بحرية دون تفكير في العواقب.
٥- نقص الأخلاقيات في المجتمع: يعتبر أحد الأسباب الرئيسة لتحول الفساد إلى حِرفة، ولا شك أنَّ قلة الوعي الأخلاقي سببه ضعف في قلب المجتمع؛ فيصبح من السهل على الأفراد ارتكاب أفعال فاسدة دون أن يدركوا آثارها السلبية على الجميع، ويصبح الفساد وسيلة لتحقيق المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة.
وقد يتشبُّث البعض بأفكار خطيرة مثل: “هذا هو النظام ولا يمكن تغييره”، أو “كل الناس يفعلون ذلك”؛ مما يسهل على الفاسدين إخفاء أعمالهم.
بعد أن ذكرنا كل ما ورد لا بُد من اتخاذ إجراءات ومقترحات وحلول تخفف من انتشار الفساد بمجتمعاتنا العربية مثلًا:
أ- تقوية الرقابة وتعزيز العدالة: يجب تعزيز نظام الرقابة وتوفير آليات فعالة لمكافحة الفساد، وأن تكون هناك إجراءات رادعة وعقوبات صارمة للمتورطين في الفساد، بغض النظر عن موقعهم أو نفوذهم، مثل ما شاهدناه في المملكة العربية السعودية عندما اتخذ ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء قراراته الصارمة بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين -حفظهما الله- في الآونة الأخيرة، خطواته الجادة للقضاء على الفساد، وذلك بإصدار عدة أوامر ملكية بإحالة شخصيات للمحاكمة كان في السابق يُعد من غير الممكن المساس بهم بأي حال من الأحوال لقوة مراكزهم الاجتماعية والمالية، وسن الأنظمة لمحاربة الفساد وإنشاء “نزاهة” وتفعيل دورها، وتخصيص دوائر قضائية لمحاكمة الفاسدين.
ب- تعزيز الوعي والتثقيف لدى المجتمع: وذلك بإقامة برامج تثقيفية للجمهور حول آثار الفساد وكيفية منعه والإبلاغ عنه. وقد يتم تعليم الأطفال والشباب القيم وقمع النفس عن الهوى والإجراءات الدنيوية التي حرمها الله تعالى بقوله: (وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (البقرة: 60).

خلاصة القول: تحول الفساد إلى حِرفة يُعد واحدًا من أهم التحديات التي تواجه المجتمعات في العصر الحديث. ينبغي العمل على توفير بيئة سليمة ونظام إدارة قوي يقضي على الفساد، ونؤكد على الالتزام الجاد من جميع أفراد المجتمع والحكومات والمؤسسات لمكافحة الفساد وتطبيق القوانين بصرامة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أيضًا تعزيز القيم والأخلاقيات في المجتمعات كافة، بما يحث على التسامح والنزاهة والعدالة.
إن مكافحة الفساد تتطلب جهودًا مستمرة ومتعددة الجوانب للقضاء على هذه الآفة المدمرة وتحقيق التنمية المستدامة والعدل الاجتماعي.

سعود عقل

محامي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى