المقالات

الشاعر الكبير “عبدالله البيضاني” أيقونة الشعر الشعبي

تُعتبر علاقة الشاعر بالقبيلة إحدي أهم العلاقات الجذرية في الثقافة العربية التقليدية. ففي المجتمعات القبلية يكون الشاعر جزءًا فاعلًا من هذه المجتمعات ومرتبطًا بالعادات والتقاليد والتاريخ والهوية القبلية.

يُعتبر الشاعر الصوت الذي يُعبّر عن مكانة وقوة وشرف قبيلته، ويحمل رموزها وقيمها؛ حيث يتمتع الشاعر عادةً بمركز مرموق في المجتمع ويحظى بالاحترام والتقدير، كما يلعب دورًا هامًا في التواصل بين القبيلة وبين القبائل الأخرى عبر القصائد التي تُبين مكانة قبيلته ومجتمعه.

كما أن علاقة الشاعر بوطنه تزيده قوةً وتجذرًا انطلاقًا من مكانته الشعرية في محيطه الاجتماعي، ذلك لأن الوطن هو المظلة الكبرى التي يعيش الإنسان في ظلالها؛ حيث يدعم الشاعر وطنه بقصائده في المناسبات العامة والأزمات والحروب، كما يدعم الوطن في قضاياه التي تسعى إلى تحقيق التنمية والاستقرار والتطور.
وفي المقابل، تدعم القبيلة الشاعر من خلال وضعه في المكان المناسب الذي يستحقه، وتسعى إلى تقديره وتكريمه والاحتفاء به، وهو ما يجده الشاعر من وطنه في ذات سياق التقدير والاحتفاء.

يؤدي الشاعر في القبيلة وبالتالي في الوطن دورًا مهمًا في توثيق التاريخ والأحداث البارزة عبر القصيدة المكتوبة أو المنطوقة؛ حيث يتمتع بقدرة فريدة على التعبير الشعري التلقائي، مما يجعله أكثر حكمةً وأكثر وعيًا بالمسارات الإنسانية والوطنية.

إن علاقة الشاعر بالقبيلة ثم بالوطن علاقة مهمة ومنتظمة؛ حيث يعتبر الشاعر حارسًا للثقافة والتقاليد القبلية والوطنية ومحافظًا على هوية الوطن والقبيلة وتاريخها وتراثها.

يأتي في هذا السياق الشاعر الكبير عبدالله الهُريري البيضاني كأحد أهم الأسماء والرموز الشعرية الشعبية في المملكة بشكل عام وفي منطقة الباحة بشكل خاص؛ حيث استطاع أن يحفر اسمه بمداد من الشعر على جدار الوطن والمنطقة، فأصبح الصوت الشعري الأبرز، والذي أخذ على عاتقه إعلاء اسم قبيلته ومنطقته ووطنه، فكان سجلًا لأمجاد المنطقة والوطن منافحًا عن وطنه، وممجدًا له في كل المناسبات.
وإذ يتم تكريمه الآن؛ فذلك ليس إلا عرفانًا بالمكانة التي يحتلها وتقديرًا للدور الذي لعبه عبر عشرات السنوات التي كان فيها حاضرًا بقصائده التي ستكون سجلًا ثقافيًا وتاريخيًا تتناقله الأجيال.
إنني وبحكم قُربي من تجربة الشاعر الكبير عبدالله البيضاني أجدني متقاطعًا معها ومتواصلًا بها؛ حيث إنها تجربة متفردة، استطاعت أن تختط لها مسارًا مختلفًا ومتمايزًا عن التجارب الشعرية الأخرى، وتكريمه اليوم هو تكريم لكل من يعطي لقبيلته ومنطقته ووطنه، ويدافع عنه ويعلي من شأنه ومكانته.
الشاعر الكبير “عبدالله البيضاني” أيقونة شعرية متفردة ومتميزة.

– شاعر وأكاديمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى