■ هكذا هم العظماء وأقوى الرجال .. !! إنهم من يُبادرون بالصفح والسلام لمن أخطأوا في حقهم … مهما كانت القرابة، ومهما كانت الغلطة أو الاعتداء أو الأذى أو أو أو… ولن يقول العظماء: إن عزة النفس لا تقبل أو يقول هم من أخطأوا علينا أو هم من يستغلون العفو؛ ليشهروا فيك ويقولون جاء معترفًا بخطئه، ويحاول فينا أن نسامحه ونعفو عنه…. هؤلاء هم ذرية إبليس عليهم من الله ما يستحقون… ولكن المبادر تعلو درجته إلى درجة الأنبياء إذا كان فعلًا معتديًا عليه وصبر واحتسب وكظم غيظه.. ثم خاف من أن تشمله لعنة الله على من قطعوا أرحامهم.. فبادر متوكلًا على الله بالصلح والصفح على من أذاه وأخطأ في حقه… فمن يحتمل ذلك إلا من كان قلبه مليئًا بالإيمان ومحبة الله واقتدائه بسنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.. عندما أعفى عن كفار قريش الذين حاربوه وطردوه من بيته ومن مكة كلها بل قتلوا أقاربه وأصحابه واتهموه بالساحر والكاهن، ومفرق الجماعات وأكثر من ذلك … وما إن وقعوا أسرى عنده .. أخلى سبيلهم وقال لهم قولته الشهيرة: اذهبوا فأنتم الطلقاء… يا له من موقف عظيم .. فأين المبادرون؟ أين العظماء؟ أين الأقوياء من الرجال؟ … إلا أن هناك مواقف قد ينبغي الحذر منها .. هو أن عفا وأعاده نفس مكانته .. فهنا يجب على المؤمن أن لا يلدغ من جحره مرتين … فقد يثق به ويُعيده إلى مكانته ثم يرتكب أكبر من الخطأ الأول فهنا لا يلومن إلا نفسه… ومواقف الرجال عديدة عبر أزمنة التاريخ .. وهناك من يحاول في المبادرة والصلح والصفح مع الآخرين، ولكنه يخشى من ردة الفعل أو يخشى أن تُحسب عليه.. فيلجأ إلى أحد الحكماء من أصدقائه أو ممن يرى فيه الحكمة والأمانة.. ليذهب إليه ويقص له الحكاية والقضية ثم يطلب منه التدخل بالصلح، وهنا أيضًا يكتب له أجر المبادرة … وهكذا تُقاس معادن الرجال.. والذي يحز في القلب، ويدمر التواصل الاجتماعي، وسبب قطيعة الرحم هي تلك المنازعات التافهة أو من أجل طمع الدنيا .. ولو سألتم أحد سكان القبور عن هذه المنازعات لقال… وبصوت يسمعه الثقلان ..أخرجوني من قبري وأقسم لكم بالله سوف أبحث عن من يخطأ عليَّ ويظلمني وأذهب إليه وأقبل رأسه ويديه …لما علم هذا من مكانة العافين عن الناس والصابرين والكاظمين الغيظ… فمن هو القوي من الرجال …؟
0