المقالات

الذاكرة في العمل الصحفي

اخترت من بداية العمل في الصحافة 1397هـ/1976م أن أعتمد على تدريب الذاكرة في استيعاب حديث المسؤول أو الضيف وعدم الاعتماد على جهاز التسجيل، وإن تمت الاستعانة به في السنوات الأولى؛ خاصة في الأحاديث التي تحتاج لنقل حرفي من مسؤول في مكانة كبيرة أو حديث يعتمد على أرقام. ثم بعد سنوات تعودت على تسجيل ملاحظات أثناء حديث المسؤول، وكانت لدي قناعة أن حمل “المسجل” يُظهر الصحفي؛ وكأنه ناقل “حرفي” لا وجودله، وبفضل الله بعد مرور العقد الأول من العمل الصحفي حرصت على استيعاب الأحاديث وكتابتها بعد المناسبة خاصة لبعض المناسبات، وقد كانت لي مواقف “صعبة” مع عدد من الشخصيات داخل المملكة وخارجها، أذكر بعضها في 1400هـ/1979م في فندق إنتركونتيننتال مكة المكرمة، تحدثت مع د. أحمد كريم غاي وزير خارجية السنغال، وكان وقتها أمينًا عامًا لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وشغل منصب وزير خارجية السنغال بين عامي 1968 – 1972 وأمين منظمة التعاون الإسلامي بين عامي 1975 – 1979، وسجلت الحديث بوجود مترجم من دولة عربية ربما كان من المغرب، وكان حديثًا هامًا، كنت وقتها ممثلًا لصحيفة “البلاد” في مكة، وبعد مغادرة د. جاي، أردت أن أستمع للحديث لأقوم بكتابته والتواصل الهاتفي مع “البلاد” لنشره في الطبعة الأولى، كان هذا قبل دخول الفاكس وكانت وسيلة إرسال الخبر بالهاتف للزميل الموجود في المركز الرئيسي، لكنني وجدت أن الجهاز لم يُسجل الحديث وبقيت وأنا في غاية القلق أبحث عن المترجم ووجدته وهو يستعد لمغادرة الفندق، وطلبت منه أن نتذكر الحديث ونعيد تسجيله وهذا ما تم، وكنت قد أعلمت الصحيفة بالحديث مع الشخصية الهامة وشكرت الأخ المترجم، ونُشر الحديث في اليوم الثاني “خبر رئيسي” في الصفحة الأولى وانفردت به “البلاد”.

توفي د.جاي في 2 أكتوبر 2000 (86 سنة) في دكار، رحمه الله، لكن لليوم بعد مرور 49 عامًا، لا تعلم الصحيفةوالقارئ ما حصل حتى وصل الحديث للبلاد.

لقاء جاد الحق وعلي لطفي
—————
في القاهرة التقيت بالشيخ جاد الحق، علي جاد الحق شيخ الأزهر ود. علي لطفي رئيس الوزراءرحمهما الله، فيمناسبة 1409هـ/1989م بفندق الماريوت وكنت وقتها مسؤولًا عن مكتب جريدة الرياض في مكة المكرمة، ووجدتها فرصة بوجود اثنين من كبار المسؤولين في مصر ولم أكن متوقعًا اللقاء، فاعتمدت على “الذاكرة” بفضل الله في كتابة ما تحدثوا به أو هو أهم ما ورد في الحديث، وبعد هذه المواقف بسنوات حضرت دعوة خاصة للأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخليةرحمه اللهوكان ذلك في شهر رمضان 1429هـ في مكة المكرمة، واستمعت لحديث سموه وشاركت في الأسئلة وحرصت على استيعاب الحديث رغم أنه استمر حوالي ساعة، وخلال فترة العيد توقفت صحيفة“البلاد”، وانتظرت وأنا أشعر بقلق خشية أن يتم لقاء مع الأمير من أي صحيفة يؤثر في انفرادي بالمعلومات خاصة وقد تضمن الحديث أسئلة شاملة، ونشرته في البلاد السبت ١١ شوال ١٤٢٩هـ١١ أكتوبر ٢٠٠٨م، وأطلقت عليه “حديث لا يتكرر مع وزير الداخلية”؛ لأن المناسبة لم يحضرها أي صحفي وهو أمر نادر الحدوث وانفردت به. هذه بعضالمواقف خلال العمل الصحفي وددت كتابتها، لعلها تُفيد الزملاء اليوم في الميدان، وذكرني بها مراجعتي لأرشيفيالخاص..

خالد محمد الحسيني

تربوي وإعلامي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى