المقالات

سعداء .. وسط المشاكل

قُل لي بربك: كم حجم السعادة عندك.. ؟
وأيضًا … كم حجم التعاسة .. ؟
نستطيع أنت وأنا أن نكون سعداء، حتى في خضم تجرعنا للتعاسة، والألم، والمعاناة.
كيف …. ؟
نستطيع – بشرط – أن ننظر بواقعية إلى عدة أشياء معنا وحولنا:
فمساحة الألم التي أصابتنا، ثمة إلى جانبها أشياء أخرى (حلوة).. لها أيضًا مساحة كبيرة، لكننا لم نفطن لها.
وحجم الألم الذي حلّ بك، هو أقل من الذي حلّ بآخرين حولك، لكن مشكلتك، أنك تنظر إلى نفسك فقط.

ثم تأكّد … أن الألم والتعاسة – قاسم مشترك بين كل البشر
لا أحد في هذه الدنيا بدون وجع .. بدءًا بالسلاطين وأهل المال .. وانتهاءً بالفقراء والمعدمين.
فكم من وجيه أو غني يُعاني الألم، رغم أنه لا يستطيع أن يحصي ثروته – من كثرتها … ولم تستطع كل ملايينه ودراهمه المهولة أن تحجب عنه المواجع.
وكم من فقير أيضًا يتجرع الألم … ويظن أنه التعيس الوحيد في العالم، خصوصًا وهو يسمع ويرى صور وأخبار الأغنياء تملأ الفضاء بضجيجها.

أنت ترى وجوه الناس وهيئتهم من على بُعد، فتظن أنهم بدون مشاكل.. وما تدري أن بين جنبي كل واحد منهم ألمه ووجعه، الذي طالما ظل يمضغه، ثم يجتره بصمت، دون أن تلمحه العيون – ربما..
والذي يظن أن الحياة بدون مواجع، هو شخص غير طبيعي .. شخص واهم .. شخص يفكر في حياة أنطولوجية (أفلاطونية) خارج فكر البشر.

واللافت في جميع ما تقدم .. أن ثمة من يبتسم في خضم الجراح .. ليس لأنه لا يشعر بوخز التعب، ونصل المشاكل … ولكن لأنه مؤمن بأن “المتاعب” ناموس حياة، يغشى هذا وذاك بدون استثناء.
مثل أولئك – يحاول أن يمسك بما بقي له من السعادة (وهي موجودة حتمًا) فالتعاسة ليست جبلًا مطبقًا لا يمكن الفكاك منه .. بل يمكن الانعتاق منه؛ بحيث يظل متشبثًا بتلك الكمية من السعادة كعزاء له وسط كمية مواجعه.
وسأقول شيئًا ربما يكون عجيبًا، فثمة من كانت مواجعه – نقطة تحول في حياته.
غيّرت سلوكه، نظرته، بل وحياته إلى الأفضل.
أولئك يُقال عنهم: الذين (حولوا المحنة إلى منحة).

ثمة من يرى .. أنه يتعيَّن علينا – ألا نفكر فيما أصابنا .. وأن الأفضل أن (ننبسط) بما بقي لنا من معطيات أخرى فيها الخير والسعادة، لو (فتشنا) حولنا لوجدناها
ثم تذكر – وهذا مهم – أن في نهاية كل نفق مظلم …. بصيصًا من النور.
نعم بصيص من النور، ستتصل به يومًا ما، ويتصل بك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى