مفهوم التمكين الذي ظهر في نهاية الثمانينيات، ولاقى شيوعًا ورواجًا في فترة التسعينيات، وأصبح تداوله ظاهرة وثقافة باعتباره نقطة تحول في حياة المنظمات؛ لأنه يسهم في بناء عناصر بشرية مؤهلة في مختلف المجالات.
والتمكين لغة: تعني التقوية أو التعزيز، ووردت كلمة مكّن (مكّنه) بمعنى جعله قادرًا على فعل شيء معين. أما التمكين اصطلاحًا، فقد وضع له عدّة تعريفات ونختار منها ما قاله (جرنتي): إن التمكين هو أحد أهم مخرجات المشاركة في العمليات والقرارات والإجراءات بين العاملين؛ التي تُعزز من دافعيتهم الجوهرية نحو هذه النشاطات، ويزيد التمكين من إدراكهم لأهمية العمل الذي يمارسونه؛ بحيث يكون ذا معنى وتحدٍ، مع امتلاك القدرة والمسؤولية في بيئة العمل.
والاقتصار على ندوات التمكين ومؤتمراتها وجلساتها، لن تجدي نفعًا ولن تثمر إلا عن أخبار أو نشاطات توعوية، وغالبًا ما تنتهي بتوصيات تكدس على الرفوف في أحسن الأحوال.
والمتمكن غير محتاج لورشٍ وندوات وجلسات، فهو متزود بالعلم والمعرفة والمهارة ويملك خبرة في تأدية مهام عمله بكفاءة واقتدار واستقلالية، وثقة في القدرة على أداء المهام، والشعور بالقدرة على التأثير في العمل، وإدراك معنى العمل والمسؤولية.
والمتمكن يُجيد اتخاذ القرارات، وحلّ المشكلات، والتفكير الإبداعي، والتصرف في المواقف، وتحمل المسؤولية، وتحقيق النتائج والمستهدفات.
وخلاصة القول إن تمكين المتمكنين، والعمل على دعمهم هو ما يصنع التغيير في حياة المنظمات، ويضع الأسس الصحيحة لعملية الاختيار والترشيح، وتكوين بيئة عمل وثقافة لخلق قادة متمكنين يسعون لتحقيق أهداف المنظمة وتطورها وريادتها.
تقول الخبيرة بريجيت هياسينث: “القيادة العظيمة ليست في التحكم بالناس بل في تمكينهم”.
وعدم تمكين المتمكنين سيكون نتيجته تمكين غير المتمكنين مما يخلق المشكلات التنظيمية ويورث الشللية وتقديم الولاء الشخصي والصداقة على الكفاءة؛ وتصبح الولاءات والأحزاب مقدمة على الكفاءات وتنتشر ثقافة الصراعات والانتقامات، وتصبح الأمجاد والانتصارات الشخصية أهم من رعاية المصلحة العامة ومن تطويرها.
والعقول التي تخلق المشكلات والأزمات لا يمكن أن تكون جزءًا من حلها.