المقالات

إطلاق “الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية”: خطوة رائدة لحماية البيئة.. وتحقيق الأمن الغذائي والمائي

إطلاق سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله –، مؤخرًا “الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية”، يُعتبر خطوة كبيرة ورائدة لتعزيز مكانة مملكتنا الغالية، كدولة متميزة في قطاع “التقنية الحيوية”، كما يُمثل إطلاق هذه “الاستراتيجية”، دعمًا كبيرًا لتوحيد الجهود الحالية والمستقبلية في هذا الجانب، وتوفير بيئة تنظيمية مرنة، وبنية تحتية متطوِّرة، إلى جانب تحقيق التكامل بين القطاعين العام والخاص، ودعم سلسلة القيمة للقطاع محليًا، ولتعمل “الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية”، على تمكين الصناعة المحلية في مجال التقنية الحيوية، عبر تسهيل المتطلبات التنظيمية، وتوفير البنية التحتية المناسبة والتمويل، ولتُسهم ببرامجها ومُبادراتها العديدة، في تحفيز الجهود المبذولة لإيجاد الفرص لمُستثمري القطاع الخاص في هذا المجال. كما ستركز “الاستراتيجية”، على تحسين الصحة الوطنية ورفع مستوى جودة الحياة، بالإضافة إلى حماية البيئة وتحقيق الأمن الغذائي والمائي، وتعظيم الفرص الاقتصادية، وتوطين الصناعات الواعدة؛ للإسهام في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
ومن زاوية أخرى؛ فإن إطلاق “الاستراتيجية الوطنية للتقنية الحيوية”، يهدف لمعالجة التحدّيات واغتنام الفرص في قطاعٍ سريع النمو؛ حيث إن هذه الاستراتيجية؛ تُمثِّل خارطة طريق شاملة لتصبح المملكة مركزًا عالميًا للتقنية الحيوية بحلول عام 2040م، كما سيوفر قطاع التقنية الحيوية الواعد، فرصًا كبيرة لتعزيز صحة وجودة حياة المواطنين، وتعزيز النمو الاقتصادي، وإيجاد وظائف نوعية واستثمارات تسهم في تطوير صناعات جديدة، مع توفير بيئة أكثر استدامة، بما يسهم في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030؛ حيث إن قطاع التقنيات الحيوية، يُعدُّ من القطاعات سريعة النمو، إذ أثبتت بعض التقنيات الحيوية نجاحها بمعدلات عالية، كما أنها تضم تقنيات ناشئة وحديثة يمكنها أن تنقل القطاع إلى مستويات جديدة ذات أثر كبير، وهذا ما يتسق مع إمكانات المملكة التنافسية، ومزاياها الفريدة التي تُعد أساسًا للقطاع ومحفزًا تنمويًا له، إذ إنها أكبر سوق إقليمي في مجال الأدوية واللقاحات، إلى جانب استثمارها في القطاعات المرتبطة بالتقنية الحيوية، ودعمها لتأهيل الكوادر الوطنية وتدريبها في مجالات البحث والتطوير والابتكار، فضلًا عن حرصها على تمكين البيئة التنظيمية والبنية التحتية التنافسية والرقمية، كما يوفر التنوع الجيني في المملكة ومناخها الجغرافي ظروفًا مثالية لإجراء الدراسات والأبحاث المعقدة، خاصة وأن “الاستراتيجية” تركز على أربعة توجهات استراتيجية، وهي: (اللقاحات بهدف توطين صناعة اللقاحات وتصديرها وقيادة الابتكار فيها، بالإضافة إلى التصنيع الحيوي والتوطين لزيادة استهلاك الأدوية الحيوية وتوطينها وتصديرها، وكذلك الجينوم بهدف الريادة في أبحاث علم الجينوم والعلاج الجيني، وأخيرًا تحسين زراعة النباتات لتعزيز الاكتفاء الذاتي، وقيادة الابتكار في مجال البذور المحسّنة)، حيثُ تتطلع المملكة من خلال هذه “الاستراتيجية”، إلى تحقيق الريادة في قطاع التقنية الحيوية على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحلول عام 2030، والريادة على المستوى الدولي بحلول عام 2040م، كما تستهدف الاستراتيجية بحلول عام 2040م كذلك، إلى أن يسهم القطاع بنسبة 3% في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي، بإجمالي أثر كلي يبلغ 130 مليار ريال، بالإضافة إلى توفير عدّة آلاف من الفرص والوظائف النوعية.
هذه الخطوة الرائدة، تنسجم مع توجهات حكومتنا الرشيدة – أيدها الله –، بتبني المملكة اقتصاد المعرفة، الذي يُعنى بتحويل المعرفة والابتكارات إلى قيمة اقتصادية، وأن تكون بلادنا الغالية؛ نموذجًا فريدًا للابتكار في التقنية الحيوية والصحة، في مجالات الصحة والتقنية الحيوية، على المستويين الإقليمي والعالمي، وموطن جذب للمُبتكرين والمبدعين، من العلماء والمستثمرين من الدّاخل والخارج، ولتواكب ما تشهده المملكة من ثورة في مجال التقانات الحيوية، حيث تمّ في هذا الجانب؛ إطلاق العديد من البرامج التي تضع المملكة في طليعة الدول المتقدمة في التقنية الحيوية، مع استمرار المملكة في البناء على استراتيجيتها الشاملة والواسعة النطاق في مجالات الصحة والتقنيات الحيوية، والتي منها – على سبيل المثال لا الحصر –، إنشاء المركز الرئيس للتقنيات الحيوية، التابع للهيئة الملكية لمدينة الرياض، وغيره من جهود كبيرة ومُقدّرة في هذا المجال.
ومن المُتعارف عليه؛ أنّ “التقنية الحيوية” أو “التقانة الحيوية”، أو التكنولوجيا الحيوية”، تعني تسخير تطبيقات التقنية الحديثة؛ لمُعالجة الكائنات الحية، وهذا المفهوم؛ يشمل مجموعة واسعة من التقنيات الحديثة التي تستخدم أعضاء حيوية أو أجزاء منها لإنتاج منتجات، مثل: الأدوية، والمركبات الغذائية، والمواد الكيميائية الصديقة للبيئة والوقود الحيوي، والتي بدورها تُستخدم في عدد من المجالات، التي تؤدي أدوارًا مهمة في حياتنا اليومية، منها: الطبية، والزراعية، والصناعية، بالإضافة إلى استخدامها للمساعدة في حل بعض المشكلات البيئية، التي منها التخلص من المواد الكيميائية والمواد السامة والضارة. لذا.. فإن “التقنية الحيوية”؛ تُعدُّ عملية محورية، وأنّ الابتكار والاستثمار في هذا المجال الحيوي، يلبي التطلعات وينسجم مع مُستهدفات رؤية 2030، وتحديدًا عنصر “الاقتصاد المزدهر”، من منطلق أنها تهدف لتنويع الاقتصاد.
وبناءً عليه، تعمل الجهات المعنية والمُختصّة في بلادنا الغالية – وفقًا لتوجيهات القيادة الرشيدة أيدها الله –، على تشجيع وتحفيز تأسيس الشركات الناشئة في مجال التقنيات الحيوية، ومد جسور التواصل مع الشركات المختصة القائمة في داخل المملكة وحول العالم، وفتح فرص الاستثمارات بها، مع السعي الدائم على نقل أحدث التقنيات الحيوية العالمية وتوطينها، وتطوير تطبيقات التقنية الحيوية، وتقديم أفضل البرامج التدريبية والاستشارات الإدارية لتدريب الكوادر والكفاءات الوطنية المتميزة وتأهيلها، ودعمها للاستثمار في مجالات التقنيات الحيوية، وللقدرة على مواجهة بعض التحدّيات المرتبطة بالتقنية الحيوية، وإيجاد الحلول الملائمة لها.
والله ولي التوفيق،،،

* المُلحق الثقافي بسفارة خادم الحرمين الشريفين لدى تركيا ودول الإشراف
أستاذ مُشارك، الهندسة البيئية – التقنية الحيوية -.

د.م فيصل بن عبدالرحمن أسره

أستاذ الهندسة البيئية والمياه المشارك، بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية بجامعة أم القرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى