المقالات

التعليم التطبيقي المهني…استراتيجية الجامعات نحو الاستثمار الفعال للقوى البشرية في سوق العمل

اهتمت دولتنا المباركة بقيادة حكيمة من الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- بتوفير وسائل الدعم المادي والبشري للتعليم في جميع قطاعاته من أجل تحقيق النمو والتطور والازدهار، حيث تم إطلاق رؤية (2030م) والتي ساهمت في دفع عجلة التنمية المستدامة في التعليم وفي شتى مجالات الحياة في المملكة العربية السعودية.
أن التعليم العالي من ركائز منظومة التعليم للدولة السعودية، حيث تدعم حكومتنا الرشيدة الشباب السعودي من أجل اكمال دراستهم الجامعية عبر (30) جامعة سعودية حكومية بالإضافة إلى (12) جامعة أهلية، حيث تتوزع تلك الجامعات في جميع مناطق المملكة العربية السعودية، وكانت ولازالت الجامعات السعودية منذ تأسيسها تقدم برامج اكاديمية تخصصية علمية متنوعة من أجل تأهيل الشباب في مجالات علمية متنوعة، ولكن ما يلفت النظر في الآونة الاخيرة وجود تكرار لتخصصات علمية في أكثر من جامعة مما يجعل هناك وفرة كبيرة في المؤهلين في مجال التخصصات المهنية لمرحلة البكالوريوس، حيث نجد أن هناك تخصصات صحية وهندسية وحاسوبية وإدارية وعلمية وانسانية تتكرر في (80%) من الجامعات مما يساهم في كثرة الخريحين من الشباب في تلك التخصصات.
إن الواقع الحالي هو واقع الاستثمار في الموارد البشرية لتحقيق عوائد مادية ذات فائدة وقيمة للمجتمع ووفقاً لمؤشرات جودة الحياة المرسومة في الرؤية الوطنية (2030/) ولذلك فإن الاستثمار في واقع التعليم التطبيقي يؤدي إلى سد احتياجات سوق العمل في المهن الحرفية الفنية المتعددة، حيث يوجد لدينا مهن كثيرة في ميدان العمل التطبيقي لا تحتاج إلى خريجين في مرحلة البكالوريوس بل تحتاج إلى دبلوم سنة او سنتين في مجال مهني متخصص في ميدان الأعمال الفنية ذات العوائد العالية، وهذا بدوره يُمكن الشباب من تفعيل وتطوير امكانياتهم وقدراتهم في مجالات علوم الحياة التطبيقية المتنوعة.
ويمكن تعريف التعليم التطبيقي ببساطة بأنه التعليم الفني والمهني الذي يهدف إلى توفير قوى عاملة يحتاجها الوطن لسد احتياجات تنموية قائمة في الوقت الحاضر والمستقبل، ولذلك يعد التعليم التطبيقي مستقبل الدول التي تبحث عن تحقيق التطور في كثير من القطاعات التنموية مثل قطاعات السياحة والصناعة والتعدين والتجارة والتقنيات الطبية والحاسوبية الرقمية، ولا يتم ذلك إلا من خلال استثمار طاقات الشباب وتوظيفها بطرق حديثة مبتكرة يمكن من خلال تحقيق أقصى امكانياتهم، ومن اجل تأسيس قاعدة عمل تعليمية مميزة لواقع التعليم التطبيقي في الجامعات يمكن اقتراح الآتي:
• أصبحت الحاجة في الوقت الحالي إلى تأسيس وكالة للتعليم التطبيقي أو لجنة عليا للتعليم التطبيقي على مستوى وزارة التعليم في ظل توافر الكثير من الوظائف والأعمال المهنية الفنية في مجالات الحياة المتعددة، بحيث يتم تأسيس قواعد ولوائح للتعليم التطبيقي واضحة ودقيقة، ووضع التصورات الملائمة لكيفية تأهيل وتطوير المهارات الفنية والحرفية للشباب.
• أن الأدوار المتشابهة بين الكليات التطبيقية والكليات التقنية من حيث ما يتم تقديمه من برامج دبلومات تطبيقية تقنية متشابهة، قد يفضي إلى توحيد الجهود وترشيد الأعمال بحيث يتم ضمها مع بعض بمسمى “الكليات التطبيقية التقنية” وتوسيع دائرة الاستفادة من الخبرات التطبيقية والتقنية والفنية، وكذلك التوسع في قبول الطلبة في برامج مهنية وفنية احترافية يكون لها إثر فعال على الفرد والمجتمع.
• يمكن حصر احتياج سوق العمل السنوي من الأعمال المهنية الفنية من خلال لجان دائمة بين الكليات التطبيقية التقنية والقطاع الخاص في كل منطقة في المملكة العربية السعودية من خلال فروع الغرف التجارية وزارات التجارة والصناعة والثروة المعدنية والموارد البشرية وهيئات السياحة والاحصاء والتطوير.
• قد يشترط شهادة الدبلوم المهني من الكليات التطبيقية التقنية للراغبين في العمل في الأسواق والمولات التجارية وجميع الشركات التجارية والصناعية والسياحية، بحيث يكون هناك تنسيق دائم بين الكليات التطبيقية التقنية في الجامعات مع القطاع الخاص وفروع وزارات التجارة والموارد البشرية وهيئات السياحة والتطوير والغرف التجارية في كل مناطق المملكة العربية السعودية.
• بناء برامج تطبيقية مهنية احترافية في كل جامعة تنسجم مع الطبيعة الجغرافية لكل منطقة بالمملكة العربية السعودية، بحيث يتم العمل على الاستثمار الفعال للموارد الطبيعية المتوافر هناك من اجل تحقيق عوائد مفيدة للفرد والمجتمع.
• في حال وجود وكالة للتعليم التطبيقي بوزارة التعليم يتم التنسيق مع اللجان العاملة على مستوى الوزارة والجامعات بحيث يكون هناك تنوع في برامج الدبلومات التطبيقية المهنية في الكليات التطبيقية التقنية لكي لا يتم تكرار البرامج في أكثر من كلية تطبيقية للابتعاد عن التضخم في عدد الخريجين في تخصص مهني معين.
• أخيراً وليس آخراً يمكن وضع الدبلومات المهنية تحت مظلة الكليات الأكاديمية بحيث تكون نقطة بداية للطلبة للتعرف على قدراتهم ومهاراتهم في مجالات التخصصات المتنوعة بحيث تكون مؤهلة لهم علمياً وفنياً ومن يكون مميزاً وذو قدرات عالية جداً ممكن أن ينتقل إلى برامج البكالوريوس، ومن يكون مستواه متوسط أو اقل يمكن أن يحصل على دبلوم مهني يؤهله لسوق العمل.
• ختاماً: هذه المبادرة مساهمة بسيطة لدعم تطوير التعليم الجامعي والذي يعتبر أحد عناصر النمو الاقتصادي لدولتنا المباركة من اجل نحقق الرؤية الوطنية (2030) ، فالسعي نحو استثمار الموارد البشرية الوطنية والمتمثلة في استثمار قدرات الشاب السعودي في المهن الحرفية المتوفرة في سوق العمل يجب ان ينطلق من استراتيجيات الجامعات كمؤسسات تعليمية تدريبية مخرجاتها تذهب إلى سوق العمل السعودي.

– عضو هيئة تدريس بقسم علم النفس وعميد سابق للكلية التطبيقية بجامعة حائل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button