المقالات

كيس بصل ولا جرة عسل؟!

رغم غلاء كيلو العسل الطبيعي الذي يُعد أفضل دواء يستطب به، وألذ غذاء يُستطاب طعمه خاصة ذلك العسل الأصلي غير المغشوش، والذي بات في زماننا هذا نادرًا كندرة الألماس، إلا أنه ظهر في الأسواق مؤخرًا منافسًا له في الندرة بل أنه فاق في سعره كل التوقعات، وأصبح حديث المجالس خلال الأسابيع الماضية ألا وهو كيس البصل الذي كسر كل الحواجز، وحطم كل الأرقام في فترة وجيزة ونشأت بفعل هذه الارتفاعات الجنونية في سعر البصل أزمة كبيرة منذ ظهور مشكلة ارتفاع أسعار البصل في بعض الدول العربية رغم أن هذا النوع من الخضار لم يكن حتى ليشغل بال الفقير لوفرته وسعره الزهيد حتى تحول فجأة إلى مصدر قلق للكثير من المواطنين بعد ارتفاع أسعاره؛ نظرًا لحاجتنا إليه كمكون رئيسي في معظم موائدنا وطبخاتنا اليومية.

وقد أخذت أزمة البصل الطابع العالمي، وشهدت معظم الأسواق بما في ذلك الأسواق السعودية ودول الخليج، ارتفاعًا مستمرًا في أسعار البصل منذ منتصف عام 2023؛ حيث وصل متوسط سعر الكيلو الواحد للبصل في الأسواق العالمية خلال الأسبوع الحالي إلى 2.13 دولار (٨ ريالات سعودية)؛ وذلك جراء انخفاض إنتاج البصل في أبرز الدول المصدرة له حول العالم، وهما: الهند وباكستان، بسبب بعض العوامل الطبيعية التي ألحقت أضرارًا كبيرة بمواسم البصل، وكذلك قرار الحكومة المصرية الذي اتخذته مؤخرًا بإيقاف تصدير البصل للخارج مما أدى إلى انخفاض الإنتاج وسط ارتفاع الطلب، فكانت النتيجة ارتفاعات غير مسبوقة في الأسعار؛ فاكتسب البصل بتلك الارتفاعات صفة الطماطم المجنونة، وأصبح يُطلق عليه “البصل المجنون” رغم أن البصل يُعد من الزراعات التى لا تحتاج إلى جهد وتعب كبير فى زراعتها، ولا تستغرق مدة طويلة حتى يأتي الحصاد فمدة زراعته لا تزيد على ثلاثة أشهر ومن ثم يتم حصاده.

وختام القول ولتفادي حالات غلاء محتملة مستقبلًا؛ وللحفاظ على الأمن الغذائي واستدامته؛ فإنه يجب على الجهات المعنية التوسع في الشراكة القائمة بين القطاعين العام والخاص ببلادنا، وكذلك العمل على توسيع الأبحاث الزراعية التي من شأنها تذليل العقبات الزراعية لدى المزارعين، وإيجاد بدائل زراعية غير تلك التقليدية التي أكل عليها الدهر وشرب بدائل تعتمد على التقنية والذكاء الاصطناعي؛ بالإضافة إلى تفعيل دور اللجان الزراعية على مستوى المناطق والمحافظات، وكل ذلك من أجل الحصول على منتجات غذائية ذات جودة عالية وبأقل التكاليف لا سيما في مسألة الري؛ فكما هو معلوم لدى الجميع فإن بلادنا -حفظها الله- لا توجد فيها أي موارد ضخمة وطبيعية للماء كالأنهار والعيون الجارية، وإنما نعتمد بعد الله -عز وجل- اعتمادًا كليًا على مياه الآبار الجوفية ومياه البحر المحلاة ذات التكلفة العالية إلا أن البحث عن حلول للاكتفاء الذاتي بات أمرًا محتمًا؛ خاصة وأن مشكلة الأمن الغذائي أصبحت شبحًا يلوح في الآفاق مع كل كارثة بيئية أو حروب بشرية تتعرض لها الدول التي نستورد منها ما يغطي احتياجات المواطنين؛ لذلك فإنه كلما أسرعنا في إيجاد حلول ناجعة لتلك المعوقات؛ فإن هذه الحلول ستكون -بإذن الله- ثم بدعم حكومتنا الرشيدة كفيلة بتسوية كافة المشكلات؛ وبخاصة تلك التي تتعلق بالأمن الغذائي حتى ينعم المواطن بحياة مستقرة في كل زمان ومكان.

وخزة قلم:
الاعتماد على الآخرين يجعلنا نتذكر ذلك المثل العربي الذي يقول:
(ما حك جلدك مثل ظفرك)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى