المقالات

مدير المؤسسة أم مؤسسة المدير!!

سؤال جدلي يتكرر طرحه عن الضغوط التي تواجه العاملين في المنظمات الحكومية والخاصة على حدٍ سواء؛ وهل المدير هو الشخص الأكثر عُرضة لتلك الضغوط أم الموظفين؟ هل الرئيس مجني عليه أم أن المرؤوسين دائمًا هم الضحية. الحقيقة أن كافة العاملين في المنظمات (رؤساء ومرؤوسون) يتعرضون بشكل أو بآخر لضغوط العمل. وتعتمد قدرتهم على مواجهة تلك الضغوط على أُمور كثيرة منها ما يتعلق بنوعية ومصادر الضغوط، ومنها ما يتعلق بشخصية وطبيعة الفرد الذي يتعرض للضغوط. إن المنطق يؤكد أن الإنسان كلما زادت مسؤولياته كلما كان عُرضة للضغوط أكثر من غيره، ومن هذا المنطلق فإن أي مدير يفترض أن يكون عُرضة للضغوط وبصورة أكبر ممن يعملون تحت إدارته؛ وذلك نظير حجم المسؤوليات المكلف بها وعظم الأمانة الملقاة على عاتقه. ولكن على أرض الواقع هل كل مدير يواجه ضغوط عمل أكثر من بقية العاملين؟ يجب أن نعرف من هو ذلك المدير الذي يقع فعليًا تحت الضغوط بصورة أكبر من موظفيه؟ لا شك أن هناك مواصفات لذلك المدير أهمها: أنه شخص يخاف الله فيعدل بين الموظفين، لا يستمع لوشاية متملق وما أكثر المتملقين!! ولا يأبه لتحريض متغنجة وما أقبح المتغنجات!! وأن يكون مرنًا متفهمًا متواضعًا ويستطيع أن يُميز بين الموظف الكفء وآخر كسول. وأن يتعامل بإنسانية وأخلاق عالية، ويحرص على تحقيق احتياجات موظفيه والمطالبة بحقوقهم أمام أي جهة كانت، وهو الذي يحرص على تقدير جهود الموظفين ويحفزهم.

إن ما يضع هذا المدير تحت الضغط هو يقظة ضميره وخوفه من أن يظلم أو يبخس أحدًا حقه. لذا تجده دائمًا قلقًا ويحرص في كل قرار يتخذه أن يكون منصفًا وموضوعيًا وعادلًا وبعيد كل البُعد عن التحيز لموظف على حساب آخر أو لشلة موظفين على حساب الأغلبية. أما إذا كان مدير المؤسسة يتعامل مع الموظفين بمزاجية، ويتصرف في ممتلكات المؤسسة وكأنها أحد ممتلكاته الخاصة؛ فمن الطبيعي ألا يكون عُرضة لأي شكل من أشكال الضغوط. عندما ينظر المدير للحوافز وكأنها شرهة يشره بها على من يمتدحه ويصفق لقراراته الغبية، وعندما ينظر لتكليف الموظفين وتشكيل اللجان وفرق العمل كشكل من أشكال التكريم والتشريف، وتكون الأولوية في نيلها لمن يتملق على باب مكتبه؛ حينها لن يعاني ذلك المدير من أية ضغوط بل على العكس تمامًا؛ حيث يصبح هو بنفسه أكبر مصدر وسبب لضغوط الموظفين في مؤسسته.

عندما نتحدث عن هذا النمط السيكوباتي من المديرين يتبادر إلى الذاكرة صورة الممثل الأمريكي كيفين سبيسي الذي لعب دور “ديفيد هاريكين” في الفيلم الشهيـر “مديرون بشعــون” (Horrible Bosses) الذي أُنتج في عام 2011 وحقق نجاحًا كبيرًا. حيث استعـرض الفيلم في سياق درامي كوميدي مجموعة أنماط من المديرين الذين وصفهم النقاد بأنهم مجموعة أوغاد يتلاعبون بمصالح العاملين ويتحكمون في مستقبلهم الوظيفي، ومع ما تضمنته القصة من مبالغة ربما اقتضتها الأحداث الدرامية للفيلم؛ إلا أن ذلك الأمر لا ينفي وجود مثل هذه النماذج السيئة والكريهة التي تتربع على قمة الهرم التنظيمي في كثير من مؤسسات القطاعين العام والخاص.

شر البلية:
عندما يكون شعار بعض الإدارات: دعونا نوقف هدرًا. بينما الواقع يقول أن شعارها الحقيقي: دعونا نهبر هبرًا !!

أجمل ختام:
لا تكاد تمر أيام إلا وتثلج صدورنا هيئة الرقابة ومكافحة الفساد ببيان توضح فيه الإطاحة بعدد من رؤوس الفساد ممن أساءوا استخدام السلطة واستباحوا المال العام؛ الأمر الذي يؤكد بأن الدولة -أعزها الله- وبتوجيهات خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- ومتابعة سمو ولي العهد وفقه الله مستمرة في مكافحة الفساد وسوف تتعامل بحزم وشدة ضد كل فاسد.

• عضو هيئة التدريب في معهد الإدارة العامة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى