عند ارتفاع الأسعار يظن البعض أن الكل سيتأثر سلبًا من تلك الارتفاعات، وهذه في اعتقادي فكرة خاطئة، فالمُتأثر الوحيد هو المستهلك للسلعة سواءً كانت سلعة استهلاكية تتعلق بمصروفات الحياة المعتادة، أو سلعة خدمية لأي خدمة تُقدم للمجتمع..
فالسلعة المنتجة من المصدر تُباع للتاجر بسعر معين، ثم يقوم التاجر بعرضها للمستهلك بسعر أعلى، أي أنه لم يتأثر شخصيًا من الأسعار المرتفعة، لكونه سيتحصل على فارق السعر من المشتري لبضاعته في نقاط البيع، أي من المستهلك النهائي للسلعة، وهذا الكلام ينطبق على جميع السلع دون استثناء، أيضًا سلع الخدمات ينطبق عليها نفس الشيء، فالسباك والكهربائي والحداد والنجار والبناء والمبلط والمليس والميكانيكي والسمكري والحلاق وووووو الكل سيرفع سعر خدماته بحجة ارتفاع الأسعار، مع العلم أن هذه الفئة المذكورة سلعهم خدمية وليس لها علاقة بارتفاع أسعار المنتجات الاستهلاكية، ومع ذلك يقومون باستيفاء ما يلحقهم من آثار ارتفاع السلع من جيوب المستهلكين الذين يحتاجون إلى خدماتهم ..
وحتى سائقي حاويات أو صهاريج الصرف الصحي التي تستخدم في نزح البيارات – أكرمكم الله – دخلوا في نفس الموجة الابتزازية، واتفق أصحابها الجشعين وهم من جنسية إفريقية واحدة، اتفقوا على تسعيرة حددوها لأنفسهم دون حسيب أو رقيب، كان سعر الصهريج الواحد في عام ٢٠٢٣ وما قبله ١٣٠ ريالًا، ومنذ بداية عام ٢٠٢٤ تفاجأ المواطنون برفع أسعار تلك الصهاريج إلى ٢٠٠ ريال، وعندما تسأل سائق الصهريج عن السبب، يجيبك بأن السبب هو ارتفاع سعر الديزل من ٧٥ هللة للتر الواحد إلى ريال و١٥ هللة، يعني زيادة ٤٠ هللة وهو الفارق بين السعرين، جعلت أولئك الأفارقة يرفعون الأسعار بمبلغ سبعين ريالًا فوق السعر القديم؛ ليصبح السعر الحالي للرد الواحد ٢٠٠ ريال !!!
يعني بالمختصر زادت أسعار الديزل على السائقين؛ فتحصلوا عليها بأضعاف مضاعفة من قبل المستهلكين ..
وبالمناسبة، هل هناك جهة رسمية معنية بالإشراف وتحديد الأسعار لتلك الصهاريج التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس في مدينة جدة بالذات؟ أم أن المسألة متروكة لما يقرره السائقون بعد اجتماعاتهم واتصالاتهم ببعض للاتفاق على أسعار موحدة ؟ ثم ما ذنب المستهلك، فهو بين نارين، إما أن يستجيب لابتزاز أولئك السائقين وجشعهم ويوافق على سعرهم المجحف ٢٠٠ ريال، أو يترك بيارة منزله – أكرمكم الله – تطفح وتفيض في الشارع ؟؟!!
بالطبع، الكل سيختار النار الأولى وهي الموافقة على السعر المرتفع، بدلًا من النار الثانية التي ستؤذيه وتؤذي جيرانه، ولا يقبلها على نفسه ولا على مجتمعه ..
اللهم ارحم عبادك المستضعفين المستهلكين، الذين أصبحوا هدفًا لأصحاب الجشع والبطون التي لا تشبع، ولا حول ولا قوة إلا بالله..