قرأت مقولة لأحدهم ذات مرة يقول فيها: “ابدأ كما تريد أن تنتهي”، وهنا تبادر في ذهني مباشرة قضية التخطيط الاستراتيجي. فكما يعلم كل استشاري في التخطيط الاستراتيجي، إن نجاح أو فشل الخطة لا يكمن في إنشائها، بل في تنفيذها؛ ولذلك دائمًا ما يركز الاستشاريون في كيفية مساعدة العملاء على بناء ثقافة التنفيذ أكثر من قيامهم ببناء الخطة نفسها أكثر، وسأحاول في هذا المقال من اقتراح أهم الخطوات المهمة في خلق هذه الثقافة، والتي حاولت جمعها من عدة دراسات أمريكية متخصصة في الاستراتيجية:
(1) خلق التوقعات، وهنا تكمن أول وظيفة للاستشاري في التشديد على أن الغرض الرئيسي من الخطة الإستراتيجية هو إنشاء خريطة طريق لتحقيق النجاح، ويتطلب اتباع تلك الخريطة مراجعة وتقييمًا منتظمًا لمكانة الأمور، بدءًا من المستويات الدنيا في القيادة وحتى القيادة العليا. كما أن مراجعة التقدم المحرز في الخطة هو استمرار طبيعي لعملية التخطيط الاستراتيجي.
(2) اجعل الأمر حقيقيًا. أثناء إنشاء الخطة، قُم بدمج تنفيذ الخطة وتقييمها أثناء المناقشة. “من سيفعل الهمة الأولى؟ متى؟ وكم سيكلف؟ كيف ستعرف أن الأمر قد تم بنجاح؟” ناقش كيف سيقيسون تقدم الخطة على كل مستوى. “من هو سيقيّم التقدم المحرز في العمليات التشغيلية؟ ومن سيقيّم التقدم المحرز في استراتيجيات المستوى الأعلى التي تدعمها هذه العمليات؟ من سيُشارك في التقييم؟ كيف تريد الإبلاغ عن النتائج ولمن؟
من خلال مساعدة العملاء على التفكير بشكل محدد في الكيفية التي سيتم تنفيذ الاستراتيجية بها، يُساعدهم هذا على إنشاء خطط أكثر وضوحًا ومباشرة يكون تنفيذها أكثر نجاحًا، ويضمن بقاء هذه الفكرة في طليعة تفكير المنظمة.
(3) التدوين أو التوثيق: يجب أن يتضمن الاجتماع الأخير مع عميل التخطيط الاستراتيجي مناقشات حول إنشاء خطة عمل بمواعيد تسليم محددة للتقييم، وتدوين السياسات والإجراءات التي تحكم تقييم الخطة وتحديثها.
تشجع عدد كبير من شركات الاستشارات عملاءها على تقييم خططهم كل ثلاثة أشهر، لضمان تحديد العوائق التي تعترض التنفيذ ومعالجتها بسرعة، وهنا أقترح نموذجًا لمساعدة في عملية التقييم وصناعة السياسة الخاصة بها عبر هذه الأسئلة الأساسية:
– متى وكيف يتم إجراء تقييمات الخطة من شارك في تقييم الخطة (على كل مستوى من أهداف الخطة/التكتيكات، وما إلى ذلك)؟
– كيف ومتى ولمن يتم الإبلاغ عن نتائج التقييم؟
– متى وكيف يمكن إجراء التغييرات على وثائق الخطة الإستراتيجية، بما في ذلك متطلبات الموافقة وإعداد التقارير؟
– سياسات الأرشفة.
وفي النهاية وبالنسبة لمستشار التخطيط الاستراتيجي، ليس هناك ما هو أكثر إحباطًا من رؤية خطة استراتيجية عمل عليها وبذل وقته وجهده معها وأنفق عليها العملاء قدرًا كبيرًا من الوقت والمال، ولكنها حبيسة الرف يتراكم عليها الغبار. فلم يعد التحدي الذي يواجهنا يتمثل في وضع الخطط، بل في خلق ثقافة التنفيذ داخل كل منظمة.