المقالات

الإنسان ومواقفه نحو الوطن والمواطنة والوطنية

يسود الكرة الأرضية نوعًا ما قانون الغاب الذي ساد في العصر الحجري؛ بحيث أدى انهيار القيم ليحل محلها المصالح التي قد لا تراعي المشروعية بل سيادة منطق القوة، مما أدى إلى انتشار الحروب وكثرة الهجرات بحثًا عن الأمن والسلام والغذاء، فولدت أجيالًا من البشر، ونشأت في غير موطن والديها، ونشأت علاقة وطيدة بينهم وبين البلاد التي ولدوا على أرضها. فظهرت جدلية الوطن والمواطنة والوطنية.

ويعرف الوطن بأنه “المكان الذي ولد فيه الشخص أو عاش فيه وله ارتباط عاطفي خاص به؛ إذ يشعر بالانتماء إليه. وهذا تولدت عنه هناك مشاعر مشتركة بين أهل البلاد ومن ولد فيها بحبه وشعوره بالانتماء إليها، ويظهر ذلك من خلال مجموعة من البلوقات عبر اليوتيوب عبر فيها أشخاص عن مدى حبهم وشعورهم بالانتماء للبلاد التي ولدوا فيها بعد أن اضطرتهم الظروف لمغادرتها بالإشادة بها بمستوى لا يقل عن أبناء البلد؛ ولذلك فمفهوم الوطن يشترك فيه ابن الوطن ومن ولد ونشأ فيه؛ لأن ذلك أسهم في بناء هويته الوطنية من خلال مشاركته الفاعلة في التطوير الاقتصادي والاجتماعي”. ولذلك “فالوطن ليس مُجرد منطقة جغرافية يتبعها الإنسان بجنسيته بل هو مجتمع حي يضم الأفراد الذين يشتركون في روابط الانتماء والهوية المشتركة، حيث يتجسد الولاء والاهتمام بالوطن في العلاقة العاطفية والمشاركة في تطويره وحمايته، ويختلفون بمستوى المواطنة في الأوراق الرسمية”.
وبرز من تفاعل الإنسان مع وطنه مفهوم المواطنة والمتمثلة بالحقوق والواجبات نحو الوطن، ويخطئ بعض الناس في ذلك باعتباره أن المواطنة هي التمتع بالحقوق ونسيان الواجبات؛ لذلك جاءت مقولة الرئيس الراحل جون كيندي: (انظر ماذا يمكن لك أن تعمل لبلدك ولا تنظر ماذا يمكن أن يعمل بلدك لك). ولذلك فالمواطنة تستدعي الالتزام بالأنظمة والقوانين والتشريعات، والعمل على تنمية وتطوير الوطن، وحسن تمثيل الوطن وثقافة المجتمع وعاداته وتقاليده داخليًا وخارجيًا، والدفاع عنه فكريًا وعسكريًا لمن يحاول الاعتداء عليه، والمواطنة تستدعي محاربة الجريمة والإرهاب والتنمر والتمرد على تجسيد الشخصية والهوية الوطنية بلغتها وعاداتها، والمحافظة على نسيج الوطن الاجتماعي الذي تنصهر فيه العرقيات بجنسية الوطن.
والوطنية تنتج عن تفاعل الإنسان مع وطنه وأمته، والتعبير عن حبه له بمشاعره وسلوكه وأخلاقه، وصناعة صورة ذهنية لوطنه وطنيًا وعالميًا، والوطنية تختلف عن العصبية الجاهلية التي نهى عنها الإسلام والإعلاء والاستكبار على الغير، والإسلام يُعزز من هوية الفرد حيث “يُربِّي الإسلام أبناءه على أساس أن الناس جميعًا خلقوا من ذكر وأُنثى، وجعلهم شعوبًا وقبائل ليتعارفوا، وأن أكرمهم عند الله أتقاهم، ومهمة المسلم عمارة الأرض، وتحقيق الأمن، والسلام فيها”.
عضو هيئة تدريس سابق بقسم الإعلام – جامعة أم القرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى