كل إنسان محكومٌ باهتماماته التلقائية؛ فإذا اضطر أن يدرس أو يعمل في مجال يكرهه أو ينفر منه أو لا يتفق مع اهتماماته التلقائية؛ فإنه يُعاني عُسْرًا في الأداء سواء في مجال التعلم أو في أي مجال من مجالات العمل.
العبقري غازي القصيبي رغم عبقريته كان يكره الرياضيات، وكان ينفر من حصصها، ولكنه متفوق في مجالات متعددة تتفق مع اهتماماته التلقائية؛ لأنها تستجيب لطبيعته.
على العكس من ذلك نجد الفيلسوف الإنجليزي برتراند راسل يعشق الرياضيات ويجدها آسرة بل إنه يقول بأن الرياضيات هي سلواه وعزاؤه أمام نكد الحياة؛ فهي التي أعطت لحياته معنى ويراها ذات جمال آسر ومبهج.
يقول راسل: ((إن الرياضيات لا تتصف بالحقيقة فقط بل تتصف بالجمال الأرفع ففي هذا الجمال نقاء علوي، ويمكن أن يكون له من الكمال التام ما لا يتبدَّى إلا في أعظم الفنون)).
والمعروف أن راسل قد اشترك مع الفيلسوف وايتهد في إنجاز كتاب مرجعي في المجال الرياضي؛ فقد اشتركا في إنجاز كتاب (مبادئ الرياضيات) في مجلدين ضخمين، وهو مترجم إلى اللغة العربية، وقد أشاد به رودلف متس في المجلد الثاني من كتابه عن (الفلسفة الإنجليزية) ووصَفَه بأنه: الكتاب الأساسي في المنطق الرياضي؛ فرغم أن الكتاب صدر في مطلع القرن العشرين؛ فإنه ظل هو المرجع الأساسي في المنطق الرياضي.
في كتابي (عبقرية الاهتمام التلقائي) قد برهنت على أن كل إنسان محكومٌ باهتماماته التلقائية، ومن هنا جاء عُقْم التعلُّم اضطرارًا؛ حيث يقضي الدارسون سنوات في تعلُّم مواد لا تتفق مع ميولهم ولا تستجيب لاهتماماتهم، ولا تجيب عن تساؤلاتهم التلقائية؛ لذلك لا تستقر المعلومات في أذهانهم وتبقى نتائجها ضئيلة في تكوينهم وتلفظها الذاكرة بعد أداء الامتحانات.
0