المقالات

سندوتش فكري !

أن يمر يوم دون أن تقرأ فهذا يعني أنك تحرم عقلك الجميل من معرفة قد تزيد من طمأنينة روحك وتأملك، قد ترفع سقف طموحاتك، قد تزيد من دخلك، قد تعدل مزاجك المعوجّ بتشابكات الحياة التي لا تنتهي.

أن تقرأ يعني أن تتناول سندوتشك الفكري، وتضيف عليه ما ترغب من المحسنات والبهارات والمنكهات؛ فتعلق على مقطع من كتاب في التربية، وتتأمل صفحة من فكر فلسفي، وتتحدى عقلًا في حل مسألة رياضية، وتعود بالذاكرة لمراجعة حدث تاريخي، وتترنم وأنت تتذوق الأبيات الشعرية .. أن تقرأ يعني أن تعيش الحياة بكل ألوانها.

حينما تقرأ فإنك لن تشعر بالوحدة.. بل على النقيض قد تزهد في كثرة الناس من حولك، لعل حكيم الروس ديستويفسكي وصل لهذه النتيجة عندما قال: “لم يعد في الحياة السائبة مزيدًا من الوقت للناس الخطأ!”

القراءة ليست تقليب ورق! ليست تماهيًا مع صراعات الثقافة ! ليست نافلة في فضلة أوقاتنا.. القراءة منهج حياة نعلم من خلالها أين نتموضع من هذا العالم الجميل؟ أين نقف من هذه الحياة؟ إلى أي مدى نملك الوقت والجهد لنلحق بالركب وننتظم في القافلة.

حينما تتغلب على الملل الذي ينتابك في قراءة الكتاب الأول؛ فأنت تفتح لنفسك بابًا إلى الجنة، ستهدي نفسك بستانًا موغلًا في الجمال بما يحتويه من ورود المعرفة وأزهار العقل وجداول الفهم، وغراس الحكمة والحب والثقة. ببساطة أنت تدلف إلى الحرية الحقيقية التي تسمح لك بالتنقل بين عقول البشر؛ فتنتقي منها ما يروق لك دون تقديم أي سبب أو تبرير أو إيضاح.

وكيف لك ألا تسعد بالحديث مع كتاب لا يلومك كاتبه، ولا ينزعج منك مؤلفه، ولا يتذمر من شروحاتك مصنفه، ولا يغتاظ من كثرة تعليقاتك صاحبه. ألم يقل المتنبي: “وخير جليس في الزمان كتاب”! ليرد عليه الجاحظ من مكان ما في زمان بقوله “الكتاب ظرفٌ حشئ ظُرّفًا، ينطق عن الموتى ويترجم كلام الأحياء. والكتاب مع خفة ثقله وصغر حجمه، صامت ما أسكته، وبليغٌ ما استنطقه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى