برهةٌ من الوقتِ يتصاعد فيها بخار قهوتي الزكيّة وتتصاعد أفكاري مع كل قطعة من مربعات السكر، والهدوء يعمُّ المكان السابعة صباحًا، ومن شرفتي أنظرُ للشارع المطل على المدينة؛ فقد تسلل شتاء ديسمبر من شرفتي، وأرسل معه البرد والحب والمطر يتساقط بقوة، سيّدة حسناء تستظل بمظلتها والصغار يلعبون تحت المطر، الأرصفة والساحات مثقلة بالبرد، وتعود ليالي ديسمبر الطويلة ومعها الذكريات التي شكّلتنا وجدانيًا، ومن شرفة ديسمبر أستجمع جميع الحكايا والقصص التي قرأتها وعشتها زمنًا، أنفث في يديّ فيعود نَفَسِي محمّلًا بالدفء، والضباب يسقط رذاذه على شرفتي ويعزف ألحانه أنشودة العام، وتشرق الشمس، وتشرق معها أحلام ديسمبر التي كنّا نرسمها في خيالاتنا وفي كراسة الحياة، ديسمبر الذي كلما عاد لنا أتى ومعه منزلنا الصغير الدافئ وشجرة الياسمين، ديسمبر الذي زارني حُلُمًا وأهداني قلادة العام، وغناء العصافير، وفي ديسمبرَ يكون الطهر والحب والجمال ودفء الأم، والأخوات فقد حلّ كل عُقَدْ الحُبِّ التي كنّا نعتقدها، وأعاد تشكيل فلسفتنا للحياة وعدنا كالعصافير أحرارًا نغني من شرفة ديسمبر، وتشرق شمس ديسمبر مجددًا وتشرق أحلامنا وآمالنا كل عام، فما قيمة الحياة دون حُلُم وأمل وشرفة ديسمبر ؟!
فكرة أخيرة:
من شرفة ديسمبر الباردة …
يا آخر ملامح هذا العام كُن لطيفًا ..
كُن مهدًا لأحلامنا، وكُن شمسًا لكل آمالنا.