على إثر كتابة مقالي السابق عن الكتاب الجديد لأخي الدكتور هاشم عبده، بعنوان: “ملوك وأمراء وزعماء وشخصيات في ذاكرتي”؛ وحيث إني أشرت في ذلك المقال أن الكتاب يحمل في طياته بعض الطرائف والمواقف التي عاشها المؤلف من خلال لقاءاته بعدد من الزعماء، والأمراء، والوزراء، ومن في حكمهم من الوجهاء.
طالبني عدد من محبي الدكتور هاشم عبده، ومنهم الأديب والكاتب المكي الأستاذ محمد الحساني، بكتابة مقال ثانٍ، أشير فيه لبعض من تلك المواقف والطرائف، فاستحسنت الفكرة، نزولًا عند رغبة محبي (أبي أيمن)، سأستشهد ببعض ما ورد منها في الكتاب:
عند مشاركة المؤلف وفد جامعة الملك عبد العزيز للسلام على الملك فيصل -رحمه الله-، بالرغم من أنه لم يكن مسؤولًا، وكان وقتها طالبًا بكلية الآداب ومسؤولًا عن الشؤون المحلية بصحيفة المدينة، وقد وافق مدير الجامعة على حضوره شريطة أن يتصرف كأحد منسوبي الجامعة وليس كصحفي، وأن يُحافظ على سرية ما يدور في اللقاء.
تحدث الملك فيصل-رحمه الله- في اللقاء، وكان فحوى الحديث يدور عن انصراف الجامعة عن مهامها الأساسية والانشغال بقضايا وتوجهات ليست من صلب وظائفها.
كنت أمر بلحظات صعبة -والكلام للمؤلف- بين التزامي أمام مدير الجامعة بالحفاظ على سرية الحديث وبين الحس المهني الذي أخذ يلح عليَّ بضرورة النشر، دفعت بكل ما استطعت أن أحتفظ به في ذاكرتي إلى المطبعة، وظهر في صفحة كاملة في اليوم التالي بصحيفة المدينة، وعندها قامت الدنيا ولم تقعد.
ومنها، حضور المؤلف مناسبة تشكيل أول وزارة في عهد الملك خالد-رحمه الله- فقد أقدم وزير الإعلام الدكتور محمد عبد يماني -رحمه الله- على الكشف عن أهم القرارات التي صدرت عن الجلسة الأولى لمجلس الوزراء، الأمر الذي لم يكن مألوفًا من قبل، وقد أخبر وزير الإعلام المؤلف بأنه تلقى الكثير من اللوم والتحذير، وتوقع الجميع في أمانة المجلس أن يتم إعفاؤه بعد ارتكاب تلك الخطيئة.
وفي صباح اليوم التالي-والحديث للدكتور يماني-ذهب إلى الديوان بانتظار الملك خالد وعند السلام على الملك فإذا به يشد على يده بقوة قائلًا: “اللي سويته أمس يا محمد…تراه زين”.
ومن المواقف الصعبة قيام المؤلف بنشر الحديث الصحفي للملك عبد الله-رحمه الله- عندما كان نائبًا للملك لحرصه بالانفراد بالتصريح، وقد عرضه على وزير الإعلام وقتها معالي الدكتور عبد العزيز خوجة بغرض عرضه على سموه الأمير، ومن حماسته تعجَّل في نشره قبل أخذ الموافقة، وفي يوم النشر اتصل به ديوان ولي العهد طالبًا منه المجيء إلى الرياض لمقابلة الأمير عبد الله نائب الملك.
وعند المقابلة سأله سموه من كتب التصريح؟ قال أنا كتبته ظنًا مني أنه سيرضيكم!؛ فتبسم وقال: “تراك إنت ابننا وحنا نثق فيك وإذا كنت بحاجة شيء كلمني”.
وأختم بما قاله عن شخصية الملك سلمان -يحفظه الله- فذكر المؤلف أن شخصيته ودودة، وذات أفق واسع، وصبر، وتحمل، بل وتعاطف مع الكتّاب والإعلام والإعلاميين؛ وتناول الاتصال الهاتفي الذي وصله من سكرتير مكتب الأمير الخاص (عساف أبو اثني) قائلًا: “إن الأمير يسأل إن كان لديك معلومات عن أسباب مغادرة الموسيقار “طارق عبد الحكيم” للمملكة وسفره إلى مصر ونيته الإقامة خارج المملكة كما نشرت الصحف”، وزاد: “إن الأمير سلمان اهتم بالموضوع لأنه شخصيًا يقدر طارق ويرى أنه لا بد من الوقوف إلى جانبه”.
الكتاب يجد فيه القارئ متعة القراءة، وبه الكثير من العبر، والمواقف الرصينة، والطرائف الجميلة.
0