رجل فاضل ، محب للخير ، له أيادي بيضاء في خدمة الناس بعامة ، وأهله ومجتمعه خاصة ، لازالت سيرته وسريرته تنطقان بشهادة الصدق والحق على فعاله وأفضاله.
ترشح للعمودية في حارة يكثر فيها الأجواد ، وينافسه عليها أمثاله من الرجال الأفذاذ ، ولكن العقول أشارت إليه ، كما أن القلوب اجتمعت عليه ، فكان الرجل المناسب في المكان المناسب ..
وإذا كان للعمودية ثقلها في كل مكان ، وللمنصب تبعته في كل مجال فإن تولي منصب العمودية لحي من أحياء مكة المكرمة أشد وأصعب ، وتزيد الأمور تكليفا حين يجتمع في الحي أمران ..
أولهما : قربه من الحرم الشريف
وثانيهما : حيوية أفراده وحركتهم ونشاطهم وتفاعلهم المجتمعي ، مما يفرض على من يتولى العمودية أن يكون مؤهلا وكفؤا للمكان ..
متمتعا بصفات القيادة والادارة ، محشوا بالرحمة وحب الخير للغير ، وهذا ما حصل فعلا وكان ..
وذلك حين قيض الله تعالى الرجل المناسب في المكان المناسب ، واجتمع أهل الحي على ظافر “الإنسان” ..
لتبدأ مسيرة عمدة تبادل الحب والاحترام والتقدير مع أهل حيه فكانوا على موعد مع الظفر والنجاح والتقدم والفلاح ..
ظافر بن محمد الأكلبي البيشي ، عمدة حي الجميزة ، متوسط القامة ، مربوع الجسم ، ببشرة داكنة ،
وابتسامة مشرقة مريحة ، إذا جلست إليه يقبل عليك بتواضعه ، ويشارك الكبير والصغير بمجلسه ، يتفقد المريض ، ويسأل عن الغائب ، دمث الأخلاق ، محب للخير ،سهل التعامل ، عفوي بطبعه غير متكلف ، يقوم على أموره بنفسه وقد يوكل غيره ممن يثق فيه ، أريحي منبسط ، يألف ويؤلف ، جمع بين لين معشره وجدية عمله فكسب القلوب ، وأنجز الأعمال ، فأفاد وأجاد ..
ولما كان حي الجميزة من الأحياء المكية والتي تضج بالحركة والحياة ولها قرب من الحرم الشريف خاصة بعد التوسعات المتتابعة المباركة والتي أزيلت فيها أحياء فاقتربت الجميزة من الحرم وظهرت بشكل واضح في مقدمة أحياء شرق مكة نحو الحرم الشريف ، يشقها طريق على جنبتيه أهم حارتين بحي الجميزة وهما حارة بيشة وحارة كوشة ويتوسط الحي المسجد الجامع الكبير والذي كان إمامه سابقا ابن الجميزة وشيخها العالم العامل الفقيه فضيلة الشيخ / فهد بن عبدالله العريني ، والآن إمامه أخونا الشيخ الفاضل الحبيب / عبدالله الحفني
وتعتبر الجميزة من الأحياء المكتظة بالسكان ، إضافة إلى الزوار والمعتمرين وحجاج بيت الله الحرام
وبها مركزية محلات بيع الجملة والقطاعي لتجار المواد الغذائية ..
وسط هذه الأحوال والتضاريس كان لظافر صولة وجولة في خدمة المنطقة وأهلها ، بجد واجتهاد قل نظيره ، فعزم على المضي قدما بحيه ، فعمل على متابعة شؤونهم ، وتيسير أمورهم ، والاخذ بيد الضعيف ، ساعيا في إصلاح ذات البين ، مشاركا في الأفراح ، مواسيا في الشدائد ، معينا على نوائب الدهر بجاهه وماله ، حريصا على تربية الجيل وتنشأتهم النشأة الصالحة فكان متابعا وداعما لحلقات تحفيظ القرآن الكريم ، كما امتدت يده بالخير لإكرام ضيوف الله تعالى بإقامة موائد الإفطار بشهر رمضان المبارك ، وسقيا الماء وإطعام الطعام بأشهر الحج على حجاج بيت الله الحرام ، وهكذا تفنن ظافر في العطاء وتنوع في البذل والسخاء ، مهما استطاع إلى ذلك سبيلا ..
قضى ظافر أكثر من ربع قرن (٢٨ عاما) في خدمة حي الجميزة ، يعمل في صمت ، ويعطي في سكينة ، ويبذل في طمأنينة ..
وبالأمس كافأ أهالي حي الجميزة عمدتهم المتقاعد الأستاذ / ظافر البيشي بحفل تكريم ، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ..
ولعلي من خلال شخص ظافر “الإنسان” أرسل برسالة لكل من تحمل أمانة وتكلف مكانة ؛ أن الناس شهداء الله في أرضه والوقت سيمضي سريعا ولن تبقى إلا الذكرى وعمل الإنسان ، حدثني أحد كبار السن بالأمس وكان يجلس بجواري قال : ثمانية وعشرون سنة مرت وكأنها ثمانية وعشرون يوما !! وصدق والله ..
العمدة ظافر البيشي : عملت وبذلت فظفرت بقلوب أحبتك ، وكان لك من اسمك حظ ونصيب فهنيئا لك هذا الحب وهذا التقدير ، وهذا التكريم
وأسأل الله تعالى -لنا ولك- تكريم الآخرة على رؤوس الأشهاد بالعمل الصالح المتقبل المبرور ، ولإن توقف عطاؤك المقيد بالتقاعد ، فإنه بدأ عطاؤك اللامحدود بهذا التقاعد ، فما التقاعد إلا بداية مرحلة عطاء جديدة
“وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون”
صدق الله العظيم ، وصلى الله على حبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
0