يركز (الرئيس) عادةً على الأداء، والإنتاجية، وتحقيق الأهداف، في حين يركز (القائد) على الإلهام، والتحفيز، والأفكار الإبداعية، وتحقيق الأهداف من خلال القيادة.
معالي الأستاذ الدكتور محمد بن عبد العزيز العوهلي رئيس جامعة الملك فيصل بالأحساء من هذا النوع من القادة.
رجل رزقه الله مكارم الأخلاق، والأخلاق أرزاق، كما قال شاعر النيل حافظ إبراهيم:
فإذا رزقت خليقةً محمودة…فقد اصطفاك مقسِمُ الأرزاقِ
تعرفت على هذه الشخصية الاستثنائية التي أعتز بصداقتها بحكم العمل، فقد كان معاليه يشغل منصب وكيل وزارة التعليم العالي للشؤون التعليمية إبان تشرفي بقيادة جامعة أم القرى بمكة، أكاديمي من الطراز الرفيع، حصل على الدكتوراة في الفيزياء النووية من جامعة ديوك في مدينة “درهام”، بولاية كارولينا الشمالية.
وجدت فيه الرجل المخلص، الوطني المحب لبلده وعمله، نشط -تبارك الرحمن- ذو أفكار استثنائية غير مألوفة، يعشق الإبداع والابتكار؛ ذكر عالم الاجتماع البرفسور “جوناثان كول”، في كتابه “جامعات عظيمة”: “إن الجامعات العظيمة أدركت أن مهمتها هي تقديم الاكتشافات العلمية، وتقديم الأبحاث المنتجة وإعداد الشباب ليكونوا قادة في البحث والعلم”.
بهذه العقلية قاد معالي الدكتور محمد العوهلي جامعة الملك فيصل بالأحساء؛ كان يؤمن بأن دور الجامعة ليس تخريج متعلمين، بل تخريج مبدعين، ومبتكرين، ورواد أعمال، من أجل ذلك ارتفع عدد النشر البحثي بجامعة فيصل في المجلات العلمية ذات التأثير العالي من (423) بحثًا عام 2018م، إلى (٢٣٥٤) بحث علمي عام 2023م، بعدد (٣٧٠٠٠) استشهاد لتلك البحوث في عام 2023م؛ كما وصل عدد براءات الاختراع من تلك البحوث إلى (205) تم تسجيلها في مكتب البراءات الأمريكي لعام واحد فقط، تقلدت بسببها الجامعة أعلى المراتب في التصنيفات العالمية للجامعات.
دعاني معاليه غير مرة لزيارة الجامعة، الأولى قبل خمس سنوات لإلقاء محاضرة بعنوان “الموارد الذاتية للجامعات”.
والثانية كانت لإلقاء محاضرة بعنوان “اكتشاف وصقل المواهب في الجامعات”، في مركز موهبة بالجامعة، وبعد الانتهاء من المحاضرة قمت بصحبة معاليه بزيارة المراكز البحثية في الجامعة، والتي ركزت أبحاثها في مجال التمور والثروة الحيوانية التي تشتهر بها المنطقة، كما اطلعت على الإنجازات العظيمة التي تحققت بدعم معاليه، خاصة في مجال الإبداع والابتكار وبراءات الإختراع وتحويلها إلى منتجات تسوق عن طريق شركات ناشئة.
أما الدعوة الثالثة، فكانت قبل شهر تقريبًا، وكانت بمناسبة الاحتفال بمرور (50) عامًا على إنشاء الجامعة، والتي لم يحالفني الحظ في الحضور لظروف السفر.
الابتسامة لا تفارق محياه-تبارك الرحمن- حتى في أصعب المواقف، متواضع ومحبوب من منسوبي الجامعة، له معي الكثير من المواقف المشرفة التي لا زالت في الذاكرة. تواصله معي لم ينقطع حتى بعد انتهاء فترة تكليفي بإدارة الجامعة، وهذا نوع من الوفاء الذي يتميز به أبو عبد العزيز، وبعد أن سلم الأمانة، من واجبي أن أعبر عما أكنه من محبة وتقدير وحسن جميل لهذه الشخصية الجميلة، قال أمير الشعراء أحمد شوقي:
كن رجلًا إن أتوا بعده …يقولون مر وهذا الآثر
معالي الدكتور محمد بن عبد العزيز العوهلي، لقد تركت أثرًا سيظل تذكره الأجيال.