حقيقة استمتعت وسعدت بهذه الإنجازات العظيمة والمستمرة للكرة العربية؛ وذلك بعد تأهل منتخبين عربيين إلى نهائي البطولة القارية، ليكون أحدهما بطلًا لكأس آسيا (2024)م، وعلى قدر هذا الفرح والسعادة التي تغمرني، كانت هناك غصة تزعجني وأنا أرى هذه المنتخبات تعيش وتصنع التاريخ بينما المنتخب السعودي يعيش على التاريخ، فآسيا في تاريخها لم يتقابل منتخبان عربيان في النهائي إلا وكان المنتخب السعودي طرفًا فيها، فأول نهائي آسيوي عربي كان بين منتخبنا الوطني وبين منتخب الإمارات عام (1996)م، واستطاع المنتخب أن يُتوج بهذه البطولة، وثاني نهائي عربي جمع بين المنتخب السعودي أيضًا والمنتخب العراقي عام (2007)م، واستطاع المنتخب العراقي أن ينتصر ويحصل على أول بطولة له في كأس آسيا.
هذا الإحباط الذي شعر به كل سعودي كان بسبب ما شاهده من تقدم كبير وملحوظ للمنتخبات العربية خلال هذه الدورة؛ بل كانوا مفاجأة البطولة، بينما المنتخب السعودي حقيقة وإن كان متصدرًا للبطولة لم يُحقق المُبتغى والمطلوب منه، الأمر الذي يفرض على المعنيين بتقييم وتقويم الأخطاء التي أفقدت رونق الأخضر في هذه البطولة، بدايةً من حديث المدرب عن بعض اللاعبين للإعلام وتشتيت الفريق عن هدوئه وتركيزه، ومن ثم حديثه أيضًا عن عدم أحقية المنتخب السعودي؛ لأن يكون مُرشحًا كالعادة في البطولة في ظل تواجد المنتخب الكوري والياباني والأسترالي والإيراني، مرورًا بالطريقة والآلية التي تم اتباعها لاختيار اللاعبين لتمثيل المنتخب، فمن غير المعقول أن يتم اختيار لاعبين هم من حبيسي الدكة في أنديتهم لتمثيلنا، ولا من المنطق أن يتم اختيار لاعبين لتمثيل المنتخب السعودي، وقد كانوا مع أنديتهم لا يلعبون بسبب إصاباتهم التي أبعدتهم عن الملاعب للعلاج والتأهيل؛ ونتفاجأ بأنهم أساسيون في المنتخب على حساب نجوم أبدعوا وأمتعوا في ظل هذا الزخم الكبير من النجوم وتحديدًا الأجانب في دوري روشن السعودي، ولا من المهنية أن يكون عودتهم عن طريق الأخضر السعودي، وفي هذا المحفل القاري؛ وكأنها دورة تدريبية إعدادية وليست بطولة قارية.
ولا أعتقد بأن الإشكالية في شُح المواهب السعودية بل تكمن في عدم التركيز والاهتمام باكتشافها، فمن كان يقوم بهذا الأمر هي الأندية السعودية، والتي أصبح جُل تركيزها على استقطاب العناصر الأجنبية العالمية دون الاهتمام باللاعب المحلي واكتشافه، فهذا التطور التنموي الكبير للأندية السعودية في استقطاب اللاعبين العالميين وجلبهم لصنع دوري قوي ومثير، من المُفترض أن لا يُصاحبه تدهور في نتائج المنتخب السعودي، وأن يكون مع هذه النقلة النوعية الكبيرة إنجازات وطنية كبيرة ليست على مستوى الأندية فقط بل والأهم أن تكون على مستوى المنتخب، فانتصار المنتخب وفوزه وتحقيقه لأمر ما أو بطولة؛ هو مصدر سعادة وفرح وسرور لجميع من يعيش على هذه الوطن العظيم، لا أن يكون الفرح مجزأً لجمهور فريق معين، ففرحة المنتخب هي فرحة للجميع، فما أريد أن أوضحه وأبينه بأنه يجب أن تكون لنا وقفة تصحيحية مصحوبة بإجراءات صارمة وقوية عن أسباب غياب المنتخب السعودي عن تحقيق هذه البطولة منذ أكثر من 20 سنة، فالمنتخب السعودي الذي وصل إلى كأس العالم (6) مرات، والذي حقق البطولة القارية (3) مرات، ولعب على نهائي البطولة ثلاث مرات آخرها كان عام (2007)م ، لا بد له من عودة قوية لهذه البطولة والتي بدأت تُصبح مستعصية على الأخضر، فكم أتمنى وأتوق أن أشاهد المنتخب السعودي مُحققًا لهذه البطولة القارية، فأنا من جيل لم أحظَ بمشاهدة المنتخب السعودي مُحققًا لهذه البطولة، ولكي يحصل ذلك لا بد أن تكون هناك معايير مُشددة لاختيار اللاعبين رياضيًا، ومعايير مُشددة لاختيار من يظهرون عبر شاشات التلفاز، فمن غير المعقول أن يتحدث بعض الإعلاميين بتعالٍ وتكبر على هذه البطولة ويصفها بأنها بطولة للمُبتدئين، وهي ليست هدفًا نود تحقيقه، ويؤيده آخر بقوله بأنها بطولة مثل بطولات الخليج ليس لها قيمة بالنسبة لنا، مثل هذا الطرح العقيم والبعيد عن طموحاتنا، لا يتناسب مع هذا التقدم والتطور الرياضي التنموي بالمملكة؛ فنحن جميعًا نرفض هذه الآراء الفوضوية رفضًا قاطعًا، فغيابنا الطويل عن هذه البطولة يُشعرني بأننا في أمس الحاجة لها بل في نظري حاليا ولدى الكثيرين بأنها أهم من التأهل لكأس العالم، ولعب دور المجموعات فقط؛ خصوصًا وأن أرقامنا فيها بدأت بالتحطم بداية عندما كسرت اليابان رقم المنتخب السعودي بأكثر منتخب آسيوي حقق البطولة الآسيوية والقارية بحصولها على البطولة الرابعة؛ واقتربت الأندية العربية من تحقيق أرقامنا والتي كنا وما زلنا نتباهى بها؛ فيجب علينا القيام بتخطيط تنموي بنائي ليستمر عطاؤنا رياضيًا ولنصل لأعلى الإنجازات العربية والآسيوية وأكبرها، ويتحقق ذلك بتطبيق الأمانة الإعلامية في المحتويات المُقدمة وتفعيل دور الرقابة عن أي محتويات سامة تبتعد عن الموضوعية والواقعية؛ من خلال رؤية المنتخب بعين واحدة بعين عن ألوان الأندية؛ فالمنتخب أولًا
أخيرًا نحن على مشارف استضافة أكبر حدث رياضي عالمي، وهو استضافة كأس العالم عام (2034)م؛ لذا لا بد من أن يتم ضبط المحتويات السابقة ليساعدونا في البناء، بالإضافة إلى التركيز على اللاعب المحلي والبدء معه من الصفر حتى يستطيع أن يجاري لاعبي العالم، فلا نود أن تكون مُستضيفين ومنظمين لهذا الحدث العالمي ونحن أول المغادرين، فلا بد من استغلال عامل الأرض والجمهور، فأنا متيقن تمامًا بأننا نستطيع إذا ما خططنا أن نحطم رقم منتخب كوريا الجنوبية في (2006) م كأفضل إنجاز آسيوي، وأن نتخطى المغرب كأفضل إنجاز عربي حدث في كأس العالم (2023) م، وكلي ثقة بالمسؤولين المُدركين لأهمية تحقيق هذا الأمر الذي سوف يؤكد العودة للنجاحات الكبيرة والمعروفة عن الكرة السعودية.
0