المقالات

أوبرا وينفري…من القاع إلى القمة!!

لم يكن الكاتب الأمريكي “جوزيف كامبل” مؤلف كتاب “البطل ذو ألف وجه”، مخطئًا عندما قال عبارته الشهيرة: “من العفن تنبثق الحياة”، فعبارته تنطبق تمامًا على مسيرة النجاح العظيمة للإعلامية الأمريكية “أوبرا وينفري”.
لقد انتقلت بالتحدي والإصرار من القاع إلى القمة، إنه مثال يحتذى به لكل من لديه طموح وعزيمة على أنه حتمًا سينجح يومًا ما. كتاب جميل بعنوان “دفتر ملاحظات-أوبرا وينفري”؛ يقدم الدروس والنصائح وقواعد النجاح التي اتبعتها.
ولدت “وينفري” عام 1954م، في مدينة ريفية زراعية فقيرة تدعى “كسيوسكو” بولاية ميسيسبي، عاشت طفولتها مع والدتها التي تعمل في خدمة البيوت، ثم انتقلت للعيش مع والدها الذي يشتغل بالحلاقة، والذي كان له تأثير إيجابي في مسيرتها.
تعرضت في بداية حياتها للتنمر، والتحرش الجنسي والاغتصاب، وهي في سن المراهقة، تعاطت المخدرات بجميع أنواعها، لدرجة أنها أُرسلت لمركز إعادة التأهيل والعلاج من إدمانها للمخدرات.
حصلت “وينفري” على منحة دراسية كاملة للدراسة في جامعة ولاية تينيسي، غير أنها تركتها لتبدأ مسيرتها المهنية، والتي وضعتها في مقدمة المشاهير في مجال الإعلام المرئي، لدرجة أنها حازت على لقب ملكة البرامج الحوارية.
أصبحت مذيعة أخبار في محطة “سي بي إس” المحلية وهي في سن 19، وفي عام 1976م، عملت كمراسلة لشركة “ABC” في مدينة بالتيمور بولاية ماريلاند، وبعدها شاركت في تقديم برنامج بالتيمور الصباحي الشهير “الناس يتحدثون”.
انتقلت بعدها إلى شيكاغو عام 1984م، لتقديم البرنامج الحواري المتعثر وقتها (AM Chicago)، وسرعان ما قادت شخصيتها الجذابة البرنامج إلى النجاح، أدى إلى تغير اسمه إلى برنامج “أوبرا وينفري”، وفي عام 1986م تم نشره على مستوى أمريكا.
أجرت مقابلات مع عدد لا يحصى من الشخصيات العامة في تلك الفترة، من “مايكل جاكسون” إلى “سارة بالين” و”ميغان ماركل” وزوجها “الأمير هاري”، والتي تناولت فيه بالتفصيل التحيز العنصري الذي ادعت ميغان فيه أنها واجهته على أيدي أفراد لم تذكر أسماءهم من الأسرة الملكية البريطانية؛ ليصبح بعدها البرنامج الحواري التلفزيوني الأعلى مشاهدة في أمريكا والعالم.
دخلت أوبرا عام 1985م، عالم السينما وظهرت في فيلم “ستيفن سبيلبرغ” المقتبس من رواية “أليس ووكر” بعنوان “اللون الأرجواني”، وأدى نجاحها في الفيلم إلى أدوار أخرى، منها المسلسل التليفزيوني الشهير “نساء بروستر بليس”.
أسست “وينفري” بعدها شركاتها الخاصة للإنتاج التلفزيوني منها شركة “إنتاج هاربو” وشركة “هاربو للأفلام” عام 1990م. وبدأت الشركات في شراء حقوق الأفلام، منها فيلم “قبل أن تكون للمرأة أجنحة” للممثل “ماي فاولر”، والذي شاركها كنجمة ومنتجة عام 1997م، وفيلم “الحبيب” مع الممثل “توني موري سون”.
كما قامت وينفري بتقديم صوتها للعديد من أفلام الرسوم المتحركة، بما في ذلك شبكة “شارلوت” في عام 2006م، و”الأميرة والضفدع” عام 2009م.
وعلى مدار عقود، نجحت أوبرا في الطريق الذي اختارته وباتت واحدة من أشهر مقدمات البرامج في العالم، ليس هذا فحسب، بل صنفت بأنها رائدة أعمال وإعلامية ناجحة، وأصبحت من فتاة ريفية إفريقية مهزومة، إلى واحدة من أشهر وأغنى نساء العالم.

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى