المقالات

الملامح التاريخية لمدرسة المدينة (5 ـ 10)

يُعد المنهج في دراسة التاريخ المدني منهجًا نقديًا تاريخيًا للوصول إلى الحقائق والأحداث التاريخية المقرونة بالبراهين والقرائن.
بالإضافة للمنهج الوصفي الاستقرائي الذي يصف الأحداث التاريخية، ويستكمل جوانبها المختلفة، ويتحقق من صحة الواقعة بكافة وسائل النقد وإثبات الحقائق ثم لا يكتفي بهذا الوصف والعرض للوقائع التاريخية بعد أن يتحقق من صحتها، وإنما يحال أن يزن هذه الوقائع بالمنهج المعياري؛ وذلك وفقًا للمقاييس والمفاهيم والتصورات الإيمانية.
نشأت المدرسة المدنية التاريخية على جناحي المدرسة التاريخية المصرية والشامية كما ساعد في نموها المكانة الدينية الخاصة للحرم المدني الشريف؛ إذ عنيت خاصة بتاريخ المدينة فقد أخذت عناصرها العلمية في أغلب الأحيان من رجال المدارس الأخرى الذين هاجروا للمجاورة فيها بجوار حرمها النبوي الشريف.
وتطور المنهج التاريخي لمدرسة التاريخ المدني خلال عقود من الزمن وأصبح ينتهج المنهج العلمي، ومن خصائص مؤرخيه أنهم ركزوا على استعمال الدليل والوثيقة بعد التأكد من صحتها، واتصفت أغلب مؤلفاتهم التاريخية بحسن الاستدلال باتباع التنظيم والترتيب الملائم للأدلة مع حسن العرض وتحرير المسائل.
ومن قراءة منهجية لمؤلفاتهم التاريخية لأبرز مؤرخيها عبر عصور مختلفة تؤكد المصادر أن بداية التأليف في تاريخ المدينة انصب في مجالي السير والمغازي والتراجم والسير، ولم تقتصر كتابات مؤرخي المدينة على الكتابة على الجوانب السياسية بل شملت جزءًا كبيرًا من الحياة الاجتماعية والاقتصادية بل اهتمت اهتمامًا مركزيًا بالحرم النبوي الشريف بناءً وعمارةً وتدريسًا وخطابة، وما ارتبط به من قضايا فكرية منتهجين في مؤلفاتهم المنهج الحولي في رصد الحوادث بالسنة والشهر واليوم؛ فاتسمت طريقة التدوين في هذا النمط بالضبط والوصف، وتميزت بالابتعاد عن التجريح الشخصي والاقتصار في النقد البناء على بيان الأخطاء والعيوب.

أ. د. عائض محمد الزهراني

نائب الرئيس لإتحاد الأكاديميين والعلماء العرب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى