لا يزال البث الإذاعي بالراديو عبر الأثير بعد مرور أكثر من مائة عام على أول بث إذاعي، وسيطًا إعلاميًا مهمًا في أنحاء العالم، ولم ينحصر دوره حتى بعد سيطرة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بسرعة كبيرة على الهواء في السنوات الأخيرة.
تاريخيًا بدأ البث الإذاعي أول مرة بعد اختراع تقنيتي “الهاتف والبرق”، وكان تحت نظام ما يُسمى “البرق اللاسلكي”، وفي عام 1864م، أثبت عالم الفيزياء الإسكتلندي “جيمس ماكسويل”، أن باستطاعة الموجات الكهرومغناطيسية الانتشار في الهواء، والتي أكدها أيضًا العالم الألماني “هاينرش هيرتز”، عام 1888م.
وفي عام 1892م، وضع العالم الأمريكي من أصول صربية “نيكولا تسلا” تصميمًا أساسيًا للمذياع، ليقوم العالم الإيطالي “غوليلمو ماركوني” بإرسال أول بث إذاعي عام 1896م، وسجل بذلك براءة اختراع “الراديو” باسمه.
وتوالت بعدها التطورات الإذاعية بظهور أمواج “أف. أف” عام 1939م، والتي لعبت دورًا توعويًا مهمًا لصالح الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية، وبعدها تم اختراع الراديو المتنقل “الترانزستور” في عام 1954م.
ومع مجيء التقنيات الحديثة، أخذت وسائل الإعلام بمختلف أشكالها بالتحول إلى منصات بث تقنية، مثل: الإنترنت، والهواتف المتنقلة، والصفائح الرقمية.
كان عام 1990م، هو بداية العصر الرقمي بظهور إذاعة الإنترنت، وقد تم إطلاق أول قمر صناعي إذاعي في عام 1992م، وبعدها بسنتين أي في عام 1994م، أصبحت “دبليو إكس. واي. سي”، أول محطة إذاعية تبث عبر الإنترنت.
وتزايد بعدها عدد المحطات الإذاعية حول العالم، ففي أمريكا على سبيل المثل وهي الدولة الأولى في العالم استخدامًا للإنترنت، تزايد العدد من حوالي ألف محطة إذاعية في بداية الخمسينيات من القرن الماضي إلى قرابة الأحد عشر ألف محطة إذاعية عام 2016م، مقارنة بعدد يُساوي 51 ألف محطة إذاعية لجميع دول العالم لنفس العام، وحسب تقرير اللجنة الفيدرالية الأمريكية عن محطات الراديو والذي صدر في عام 2015م، فقد دخلت الإذاعة أكثر من 75% من البيوت في الدول النامية، وتصل إلى أكثر من 70% من سكان العالم عبر الهواتف المحمولة التي بلغ مجموعها حوالي 6.8 مليارات هاتف متنقل في العالم يمكنه أن يصبح مذياعًا رقميًا.
محليًا انطلق البث الإذاعي أول مرة في مدينة جدة بداية شهر أكتوبر عام 1949م، بمرسوم ملكي أصدره الملك عبد العزيز-رحمه الله- وضع فيه الإطار العام للإذاعة، وبعدها تم الترخيص لأول إذاعة أهلية تبث من الرياض بمسمى “إذاعة طامي”، كان ذلك في عهد الملك سعود عام 1961م، واستمرت لأقل من ثلاث سنوات قبل أن تتوقف؛ وعلى مدى عقود انطلقت العديد من الإذاعات من مختلف مناطق المملكة، وأصبحت الإذاعة السعودية أكثر تفوقًا بعد تزايد المحطات، والتي من أشهرها إذاعة الرياض، وإذاعة جدة، وإذاعة القرآن الكريم، وإذاعة نداء الإسلام من مكة المكرمة، وإذاعة البرنامج الأوروبي؛ إضافة لإذاعة “إم بي سي إف إم” التي انطلقت في البث عام 1994م، واستمر العدد في التزايد لصل لحوالي (30) إذاعة تبث حاليًا.
0