بحكم قراءته الموسوعية للتاريخ وثقافته الواسعة، كان قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الرائع بالاحتفال بـ “يوم التأسيس” في 22 فبراير من كل عام، وهو اليوم الذي وضع فيه الإمام محمد بن سعود (مؤسس الدولة السعودية الأولى) اللبنة الأولى لبناء صرح المملكة الشامخ عام 1727م (30 جمادى الآخرة 1139هـ).
ولا شك أن الاحتفال بهذا اليوم يؤكد أن تاريح المملكة حي متصل يجسد مسيرة تجاوزت الـ (300) عام من عمر الزمن، ويدلل على قوة الهوية السعودية، والارتباط الوثيق المتجذر بين قيادة المملكة ومواطنيها تاريخياً وواقعياً.
وقد أصاب “هنري كيسنجر” كبد الحقيقة حين قال: “التاريخ منجم زاخر بالحكمة التي قد تجد فيها المفاتيح الذهبية لمشاكل حاضرنا”، وهو ما يمكن رصده عبر ثلاثة قرون مرّت المملكة فيها بكثير من المنعطفات، وصمدت في وجه الاضطرابات التي كانت تسود شبه الجزيرة العربية مع تأسيس الدولة السعودية الأولى حتى أرست الوحدة والاستقرار والأمن، وأهدت للتاريخ قصصًا ملهمةً في تطورها عبر تلك المسيرة الطويلة.
ويحدثنا التاريخ أنه مع تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود، قام -طيب الله ثراه- بإرساء قواعد الدولة وأُسُسِها الأولى، جاعلاً من الدرعية عاصمةً لها، وواضعاً القرآن الكريم والسُنّة الشريفة دستوراً لها، لتضرب تلك الدولة بأطنابِها وجُذورها في عُمق التاريخ بكلِ عز وفخر وكرامة لأبنائها.
وبعد أن كانت جزيرة العرب قبل التأسيس عبارة عن إمارات وهجر متفرقة ومتناحرةً فيما بينها يغزو بعضها بعضًا، أصبحت – بفضل الله- بعد التأسيس وفي أكناف حكامها من آل سعود دولةً موحدة مترابطة الأرجاء تظللها المحبةِ والتآخي والُلحمة الوطنية بين أبنائها، مما أدى إلى الالتفاتِ لتطويرِ البنى التحتية وتحسينِ أوضاع الشعب الاقتصادية والمعيشية، ليصبح بذلك يوم التأسيس هو اليوم الذي رسم ملامح وكيان دولة عظيمة ممتدة غبر ثلاثة قرون، حيث تمثل الدولة الأولى أولى محطات المجد والسُؤدد والازدهار.
والأمر المؤكد أن احتفالنا نحن أبناء المملكة بيوم التأسيس لهو بحق احتفال بتاريخ أمة لها عمقها التاريخي المجيد، ولنعبّر عن مدى تماسكنا وتآخينا في ظل قيادتنا الرشيدة – أيدها الله-، متطلعين لمستقبل مشرق مع “رؤية المملكة 2030” التي أنشأها ورعاها سمو ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان – في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين-، لتكون هذه الرؤية الفريدة من نوعها نتاجاً لما قدّمه أئمة وملوك هذه الدولة الضاربة في التاريخ لأبنائهم المواطنين عبر القرون المتلاحقة.
فهنيئاً لقيادتنا الرشيدة – أيدها الله-، ولشعبنا النبيل بهذه الذكرى الغالية، وكل عام وبلاد الحرمين بألف خير وسعادة.
– رئيس مجلس إدارة شركة مطوفي حجاج الدول الأفريقية غير العربية