“يوم التأسيس”؛ ذكرى غالية.. ومناسبة عزيزة، ويوم تاريخي خالد، يُجسِّد العمق التاريخي للأسرة السعودية المالكة الكريمة، يوم عزيز وغالي،ـ يُمثّل مناسبة وطنية كبرى، وذكرى فخر لكل مواطن سعودي، ومصدر اعتزاز لكل فرد من أبناء هذا الوطن الشامخ، كما يُعتبر يوم خالد، وحدثًا استثنائيًا وفريدًا من نوعه، عمل على تأصيله، وعظّم من شأنه؛ صدور الأمر الملكي الكريم لسيِّدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – رعاه الله –، بجعل يوم الثاني والعشرين من فبراير من كل عام يومًا وطنيًّا يحتفي به أبناء المملكة بـ “يوم التأسيس”، ليدل هذا الأمر الملكي الحكيم، دلالة واضحة على مدى حرص قادتنا – حفظهم الله – على إبراز هوية أبناء المملكة الوطنية، ووضع أسس ولبنات الاحتفاء بأمجادها التي سطّرها التاريخ بأحرف من نور، وبمداد من ذهب، خاصّة وأنّ بلادنا الغالية، أصبحت رقمًا لا يمكن تخطيه على مختلف الصُعد الإقليمية والدولية، وبين الدول الإقليمية بصفة خاصة ودول العالم قاطبة على وجه العموم، ورمزًا كبيرًا للتطوّر والتميز والتنمية والنماء في هذا العهد الزاهر المشرق الميمون، ليضحى احتفال الشعب السعودي بهذه الذكرى الغالية والعزيزة على النفس، مدعاة لتعزيز الشعور بالانتماء لتراب هذه البلاد الطاهرة، ومناسبة لرفع الحس الوطني لشعب هذه الأرض الطيّبة، ولتأكيد قدرة الإنسان السّعودي على صناعة مستقبل مُشرق، على غرار الأجداد الأبطال الذين قاموا بعمليِّات التأسيس، عبر أصعب المراحل التاريخيّة وفي أحلك الظروف وأصعبها.
إن الاحتفال بذكرى هذا اليوم التاريخي الخالد في مثل هذه اليوم من كلّ عامّ؛ يؤكد سديد الرأي والنظرة الثاقبة والحكيمة لمولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو سيدي ولي عهده الأمين – رعاهما الله –، وحرصهما على ربط الأجيال الحالية والقادمة بتاريخ بلادهم وتعريفها بأمجاد قادتهم، وتذكيرها بأهم حدث غير التاريخ، كما يُعدُّ وقفة لاستذكار تاريخ عميق، وحضارة متجذِّرة، وثقافة راسخة، في الوقت الذي يُجسِّد فيه هذا اليوم التاريخي على أرض الواقع، اعتزازنا الكبير وفخرنا بالجذور الراسخة لهذه الدولة المباركة، ويؤكِّد ارتباط مواطنيها الوثيق بقادتها وولاة أمرها، وذلك قبل ثلاثة قرون.. ومنذ عهد الإمام محمد بن سعود – يرحمه الله –، وبداية تأسيسه في منتصف عامّ 1139هـ (1727م) للدولة السعودية الأولى، دستورها القرآن الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعاصمتها الدرعية.. والتي استمرت إلى عامّ 1233هـ (1818م)، وما تحقّق خلالها من وحدة وأمن في الجزيرة العربية، بعد قرون من التشتّت والفرقة وعدم الاستقرار، وصمودها أمام محاولات القضاء عليها، إذ لم يمضِ سوى سبع سنوات على انتهائها، حتى تمكّن الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود، في عامّ 1240هـ (1824م) من استعادتها وتأسيس الدولة السعودية الثانية، التي استمرت إلى عام 1309هـ (1891م)؛ وبعد انتهائها بعشر سنوات، قيض الله للمؤسِّس الباني الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود – طيب الله ثراه –، أن يؤسِّس الدولة السعودية الثالثة ويوحدها باسم المملكة العربية السعودية، في العام 1319هـ (1902م).
وليسير أبناؤه الملوك البررة: (الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله) رحمهم الله جميعًا، وصولًا إلى هذا العهد الزاهر المشرق، عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين سيِّدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظهما الله ورعاهما –، من بعد الملك الباني المؤسِّس وعلى نهجه – طيب الله ثراه -، لإبراز ما قامت عليه هذه الدولة الشامخة منذ التأسيس، حيث قامت على منهج كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، لتُحقِّق كثير من المنجزات التي لا تُعد ولا تُحصى، ولبذل مزيد من الجهود لتعزيز بناء هذه الدولة، وتدعيم وحدتها، وتحقيق ازدهارها ونمائها ورخائها، ورفاهية شعيها، ولتعيش بلادنا الغالية في هذا العهد الزاهر، تطور كبير.. ونماء وازدهار.. ونهضة الشاملة في جميع المجالات، في ظل هذا العهد المُضيء المشرق الذي يفخر كل مواطن سعودي ويعتز بأن يضعه نبراسًا أمامه، ليمزجه مع الحاضر الواعد لبلادنا الحبيبة – مملكتنا الغالية – وهي تتبوأ مركزًا مرموقًا بين الشعوب والأمم وبين مختلف دول العالم.
“يوم التأسيس”؛ يُعدُّ أحد الأيام المتميزة والساطعة في تاريخ بلادنا الغالية، ومحطّة مهمة لتأصيل لامتدادات الدولة السعودية الضاربة في جذور التاريخ، وبكل ما شهدته من أحداث وبطولات وتضحيات، وبجميع ما توقفت فيها من محطات تاريخية، ومنعطفات مهمة، لتوثق لمسيرة بطولية وملحمة إنسانية، توِّجت بالمنعة والقوة، وانتهت بالتوحيد. كما أنّ هذا اليوم التاريخي، يعدّ نواة قيام مملكتنا الفتية “المملكة العربية السعودية”، ويعتبر وقفة للاستذكار التاريخ، ولنستعيد فيه بطولات المؤسسين وتضحياتهم، وليذكرنا بأمجادها وأبطالها والتضحيات التي قدموها في سبيل بنائها، لتصل بلادنا الغالية بعد مضي قرونٍ من الزّمن، إلى هذه المراحل من القوّة والتطوّر والرسوخ، ولتكون على ما هي عليه في الوقت الحاضر من رفعة وتقدّم وازدهار – بفضل الله سبحانه وتعالى –، ثم بجهود وتضحيات قادتها وأبنائها المخلصين.
والله ولي التوفيق،،،
* المُلحق الثقافي بسفارة خادم الحرمين الشريفين لدى تركيا ودول الإشراف
0