أثارت الهجمات الأخيرة التي شنتها الميلشيات الحوثية على الطرق البحرية في البحر الأحمر، غضباً واسع النطاق في مصر، نظرا لتأثيرها السلبي على عائدات قناة السويس، الممر الملاحي الأبرز في البحر الأحمر، والذي يعد من أبرز مصادر الدخل القومي لها.
وتعتبر قناة السويس من أبرز مصادر الإيرادات للميزانية المصرية، والتي تعتمد عليها بشكل أساسي في توفير النقد الأجنبي، حيث تصل إيراداتها إلى 10 مليارات دولار سنوياً، وفقا لما أعلنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال معرض مصر الدولي للطاقة 2024.
ومع الهجمات الحوثية، تراجعت هذه الإيرادات في الفترة الأخيرة بنسبة 40% إلى 50%، نتيجة تأثر الملاحة البحرية في المنطقة، وهو ما تعتبره بعض المصادر الإعلامية المصرية بمثابة الحرب الاقتصادية من جانب الميلشيات الحوثية.
وتسببت هجمات الميلشيات الحوثية على السفن المتجهة إلى إسرائيل في جنوب البحر الأحمر، في اتجاه شركات الشحن الكبرى إلى إعادة توجيه رحلاتها التجارية بعيدًا عن قناة السويس، واختيار الدوران حول قارة أفريقيا عبر طريق رأس الرجاء الصالح، رغم كونه أكبر مسافة وأكثر تكلفة، ولكنه يعد الممر الآمن في الفترة الحالية.
ورغم أن الهجمات التي تشنها المليشيات الحوثية على حركة الملاحة في البحر الأحمر، تستهدف -وفق ما أعلن الحوثيون-، الضغط على إسرائيل لحملها على وقف فوري لإطلاق النار في غزة، عبر حشد الرأي العام العالمي المتأثر بتلك الهجمات للتدخل المباشر وإيقاف العدوان ضد الشعب الفلسطيني، إلا أنها تؤثر بشكل غير مباشر على الاقتصاد المصري.
وتعتبر مصر من أكثر الدول التي تضررت بسبب اضطراب حركة الملاحة البحرية في مضيق باب المندب وتصاعد التوترات العسكرية في جنوب البحر الأحمر، ما يؤثر بشكل مباشر على طريق التجارة الحيوي في العالم، حيث يمر 12% من حجم التجارة العالمية عبر قناة السويس.
وتعد القناة مصدرًا حيويًا للعملة الأجنبية لمصر، حيث وصلت إيرادات العام الماضي إلى مستوى قياسي بلغ 9.4 مليار دولار.
وأعلنت العديد من شركات الشحن الكبرى، متعددة الجنسيات، بما في ذلك CMA CGM، وHapag-Lloyd، وMaersk، وMSC، وZim، وBP، عن تغيير طرق إبحارها، وتجنب البحر الأحمر وقناة السويس. ما أدى إلى ارتفاع الأسعار وتأخير سلاسل التوريد العالمية، فضلا عن أنه من المتوقع أن تؤدي الاضطرابات المستمرة إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير بمرور الوقت.
وجاء قرار الولايات المتحدة الأمريكية بتشكيل قوة بحرية متعددة الجنسيات، أواخر العام الماضي، بهدف حماية السفن التجارية العاملة في المنطقة.
ورغم أن مصر ومعظم الدول العربية المتضررة من الممارسات الحوثية في البحر كانت تدرس الانضمام للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، إلا أنها حذرة من الانضمام بسبب المخاوف بشأن السياسات الأمريكية تجاه إيران ووكلائها.
0