أيام قليلة ونلتقي فيها مع الربيع، وكم نحن محظوظين بهذه المدينة، وكم فات غيرنا ممن لا يعرفها الكثير من الجمال الذي لم يدركه!
سيعود الربيع والصيف، وتعود الأزهار والأشجار بكامل نضجها وخضرتها، ستعود تلك النسمات المحمّلة برائحة الورد والطبيعة، والأجواء اللطيفة، التي تأخذنا لعالم من النقاء والحسن.
مدينتي موطن البهاء.
تاريخ عريق، ثقافة وتراث، مجد وحضارة وارتقاء.
ليس لأنها مدينتي فحسب، بل لأن فيها ما يجعلها تستحق، لذلك أرى أنها من أفضل مدن العالم، لأنك ببساطة وفي كل فصولها تستطيع أن تكون كاتبًا، وشاعرًا، مزارعًا، وفلاحًا، وبائعًا، وطبيبًا، في آن واحد، كما لن تستطيع أن تكون كل ذاك في أي مدينة أخرى في آن واحد.!
كل الخيارات والطرق فيها تؤدي بك للجبال والوديان والسهول والروابي والبحر، من غير عبور لأي مسافات طويلة، وكأنك تعبر كل ذلك عن طريق خريطة جغرافية ورقية، وليس عبر طرق ضيقة صغيرة.
حتى في صيفها الرائع قد تصادف الثلوج وتعانق الضباب، الصيف فيها مخفف بالأمطار المتواصلة! كوسيلة إرضاء منه وتعبير عن الأسف والتخفيف من حرارة الأرض لمن يسكنها ويزورها!
أما عن شتائها الجاف فقد لا يخلو من أطياف الحنين والدفء العائلي ورائحة الحطب متضمنا كل صباح حليب الزنجبيل وعريكة السمن كإحدى أهم وجبات الشتاء.
فاكهتها وخضرتها ومياهها طبيعية نقية حقيقية لأن في أي مكان خارج أراضيها يبقى الشيء بلاستيكيًا بلا طعم ولا رائحة.
ليتني كنت شاعرة حتى أصفها بالقدر الذي يوازي جمالها ومكانتها وسحرها، أو ليتني رسّامة كي أغرق بتفاصيل ملامحها، وأضع أجوائها في عمق اللوحة، ويشعر بها كل من ينظرها كما تبدو في حقيقة الأمر، حتى يظن الرائي أن هذه هي الحقيقة الوحيدة لها، وأنها ليست مجرد رسمة!
لن يصعب على القارئ الفهم عن أي مدينة سعودية أتحدث، بالطبع لأن العريكة لم تتواجد أبداً في أحد الدول الأوروبية كما تهيأ لكم بالوصف أعلاه
(إنها أبها)
المدينة التي تجاوزت حدود الاعتدال بكل المقاييس
أبها كالديانة المتطرفة كل من فيها وما فيها ينتمي لها بشدة، في جذورها وقساوة مظهرها، تأبى أن تكبر وتشيخ، دائمًا كالعروسة الشابة باقية في أبهى حلّتها وجمالها.
هي منهج في الحب وطريقة في الامتثال وصنف فاخر من المغريات.
وأزعم أن أبها مع هيئة تطوير عسير وأميرها المبدع وبـرؤية سمو ولي العهد الملهمة ستكون كما ينبغي لمدينة جمعت البهاء بأطرافه المتعددة، والحسن من جوانبه المختلفة، واستقامت مدينة تراثية بامتياز، ووجهة سياحة ومن مصاف مدن العالم، لأنها ليست مجرد مدينة! ولن تصبح مع مكنوناتها وكنوزها المختبئة التي لا يعرف عنها العالم سوى تواجدها بالخريطة والصور، بل ستكون إلهاما لكل من يرجو وينافس الجمال والكمال والاستثناء.