المقالات

ليش ما تتلحلح

أبو زيد يقول: جلست أنا وصديقي فلان في ديوانيته وفناجين القهوة أسمع وقعها، وهو يقوم بمباشرتي، ويقرب صحن الخلاص الذي يعرف أنني أحبه؛ وخاصة مع فنجان القهوة اللي هيلها يكاد ينطق عبقه الذي يملأ المكان، ويذكرنا بالذي مضى أيام كشتات الشتاء ورأس مالنا خيمة، وأحيانًا غيمة تطل علينا من بعيد، ومن ثم تظلنا وتهدينا هتانًا رقيقًا آسرًا ممتعًا، نكاد نثمل من لذة عذبه وبرده. ومع الخيمة والغيمة وخاصة بعد أن تغرب الشمس، وتمضي سواليف أمس نبدأ حكايات المساء على بيالة الشاي وشبه الضوء الذي يقول للبرد ما تبغي تهدأ تروق. ماضي جميل ولكل وقت كان يا ماكان وسفينة وشراع وربان وقصة إنسان. المهم بعد ما تناولنا الفنجان الثاني قال فلان نفسي أفضفض لك عن موضوع يلوب في نفسي، وكاتم على قلبي ولن أرتاح إلا إذا بحت به لصديق أثير. قلت أبشر إذا راحت وجات على المواساة والتوجع خذ ولد..ضحك قال ما تبطل سخريتك لكن أعرفك لا جد الجد أبو الكرم والعلوم الزينة. تعلم أني كنت أعمل في إحدى المؤسسات في الرياض، ومكثت هناك عدة عقود. ومن قطعة أرض بنيت عليها بيت. ولما تقاعدت رحلت إلى جدة. بعت البيت التي كانت قيمة أرضه تضاعفت عدة مرات، ووضعت المال في سوق الأسهم. وترعرع المبلغ وتنغنغت معنويًا. وقلت يا ولد صرت من الأثرياء. ولا تلمسها وأصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب وخليها تتربرب. وزودنا من الدبة عسل فكل ما جات قرشين رميتها في ذلك السوق، وكلمة رميتها جات مواتية لما حصل بعدين.. فجأة حصل الذي ليس في الحسبان. وطارت الطيور بأرزاقها أما البط الذي زي حكايتنا فراح فيها. وبين يوم وليلة بح ولا ريال… صدمة قوية أنهكتنا والمشكلة مالك خصيم ضاعت في الطوشة، وصرنا وآمالنا على الراتب التقاعدي وبعض القليل من شغلة سعي التي ينطبق عليها مقولة في السنة حسنة والحقيقة الحسنة كانت زمان الآن إذا سلمت من السيئة خير وبركة. فسوق العقار صار كله أحلام غير مناسبة ونوال أي سعي أصبح من الخيال، ولا يوجد أحد يدعي أنه رابح في هذا المضمار. مرت سنون ونحن نسدد ونقارب بين المصروف الذي بدأ يتعاظم فالأسرة تتوسع والحاجيات ارتفعت أسعارها. لكن الناس ما خلوا لأحد ولا لاثنين حالهم. كنت في ذلك الوقت أساعد البعض بما قدرني الله عليه، ومنهم من جعلت له مخصصًا شهريًا لا يغني ولا يسمن ولكن نواة تسند الزير. وبعد فبراير الأسود خفضت تلك المساعدات. ولكن. رسايل بالكوم عناوينها: إيشبك. ليش خفضت المخصص. يا أخي خاف الله ما تعرف إحنا محتاجين. وثاني يقول ليش أخرت المخصص المفروض أمس ينزل في الحساب. وواحد يقول لي سأشكوك إلى الله يوم القيامة. قلت ونعم بالله. تعبت وصبرت.. ومن ناحية ثانية صديق يقول عندي لك مشروع يكسبك ذهب وأبغاك تخش شريك معي أقول ظروفي المالية الآن ما تسمح. يقول ويحلفني بالله. يعني ما عندك خمسين مليون في حسابك. أرد الحمدلله على ما كتب. ولكن يا أخي نحن مستورين. قال أنا ما بحسدك بس أبغالك الخير. طيب ولا عشرين حتى. أرد عليه حسابي مصفر. تبغي نروح للصراف وأوريك. يرد من حقك ما تقول ويخرج وهو مغضب ويتمتم وبدون ما أسمعه أعرف إنها فين يوجعك. وواحد ثاني يقول أنا أبغاك تكون معي شريك في الموضوع الفلاني. بخبرتك وسمعتك الطيبة..أقول له إذا مضاربة أفكر وتري إذا فيها فلوس الوجه من الوجه أبيض. قال أيوة مضاربة وفي شيء دسم وفقط تكلم المسؤول الفلاني عشان يمشي لنا الموضوع. أرد أعتذر أنا مالي في الأمور هذه. رد يا راجل يقولون إنه صاحبك وما يرد لك كلمة. قلت أي شيء خارج النظام مالي فيه ولا عاد تكلمني في مثل هذه المواضيع. يتنهد وبكل لماضة.. يعني جبتك يا عبد المعين تعينني لقيتك يا عيد المعين تنعان يلا بلا وجع قلب. وآخر أصر أن أستقبله في بيتي.. وصل وابتدرني قائلًا بصوت فيه استغراب وشبهة ندم أيش هذا؟ قلت خير في شيء زعلك. قال وأنا في الطريق أتخيل عندك قصر مبحبح وعلى الكورنيش، ولكن فوجئت أنك في هذه الفلا المحندقة. شكلك ما تلحلحت وأنت في الوظيفة. رديت طيب هم اللي تلحلحوا فلحوا. هذه لحلحة مالي فيها ولا هي من ثوبي. رد بس يعني كان شيء من الشيء. قلت يا إخي كل إنسان له طريقته في الحياة والحمدلله مستورين. المهم ايش عندك قال لا خلاص بطلت الكتاب يقرأ من عنوانه. قلت كيف قال كنت أبغى أدخلك عضو في مؤسسة تشن وترن وفاكر إن عندك قرنقش طلعت فقرنش كُحّْيتي. رديت الحمدلله أنا بخير ونعمة. وفي طريقه للخروج قلت له ما شربت العصير قال كفاية أنا شربت فيك مقلب. وتساءل فلان: إيش رأيك يا أبو زيد في اللي سمعته. قلت يحمدالله إنه ما جاني كان شرب مقلبين. اسمع يا أبو علان أنت وشرواك قدوات ولا يغرك من طغت عليهم حداثة النعمة والعزة في الإثم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى