مع بدء التوجه والتحول مؤخراً في أنظمة وزارة التعليم في هذا العام الدراسي الجديد، ومن خلال إصدار الهيكلة التنظيمية وتحديداً هنا في مجال الإدارة المدرسية اتضحت الرؤية بصورة جلية بالاعتماد الكلي في العملية التعليمية داخل الميدان التعليمي على مديري المدارس، وتباعاً لذلك صناعة القرار الإداري والتعليمي بمعنى لم يعد هناك تواجداً مباشراً للمشرف التربوي من خلال الزيارات الميدانية المعتادة كما كان معهوداً في السابق، وإنما أصبح تواجد المشرف ضمن فريق إشرافي؛ للدعم والمساندة للمدير إزاء أي معوقات أو صعوبات تواجهه في أداء أعماله الرسمية اليومية، ويقابله فريق إشرافي داخل المدرسة عبر لجنة التميز المدرسي برئاسة المدير، ومعه نخبة من شاغلي الوظائف التعليمية، ومن المعلمين المتميزين في الانضباط والعلم والمعرفة والتدريب تقوم بالمسؤوليات والمهام من متابعة جودة التحصيل الدراسي، والقيام بالزيارات الفنية، وتقديم الدعم الفني اللازم للمعلمين، وتحديد الاحتياجات التدريبية، وإصدار الأداء الوظيفي لكل معلم وفقا لضوابط معيارية، ومتابعة البيئة المدرسية وتحسينها، وغيرها من المسؤوليات التربوية والتعليمية المعتمدة.
وماتم خلال الفصل الدراسي الثاني وخاصة في أداء الاختبارات النهائية خير شاهد ولو بصورة مبدئية على نجاح الرؤية البعيدة في الاعتماد المباشر على مدير المدرسة في القيام بأداء الأعمال المستقبلية المناطة به دون الحاجة الملحة إلى تواجد المشرف التربوي، وإن كانت هذه التجربة الحديثة من الممكن أن يعتريها_ولو مؤقتاً_ بعض الافتقار البسيط للخبرات الإشرافية إلا أنها تعد مؤشراً جيداً لنجاح التجربة الحالية نجاحاً أولياً وبنسبة كبيرة، وحقيقة من المعروف أن معظم التجارب المستحدثة في بداياتها تحتاج للمزيد من العلم والاطلاع والفهم والتأني، وإيجاد الحلول المقترحة الدائمة والمؤقتة لأي مشكلة عابرة وهذه كفيلة بها الأيام، بل ومن البدهي أننا سنجد أفكاراً مبتكرة، وإبداعات جديدة، وتجارب ثرية، وتناقل للمعلومات المنتقاة من قبل مديري المدارس والتي ستؤدي حتماً في نهاية المطاف إلى توافر خبرات متراكمة سوف تسهم في إيجاد سجل حافل لجميع العمليات التعليمية المطلوبة فعلياً وعلى أتم وجه.
إن من المهم جداً في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ التعليم السعودي وخاصة في ظل الأهداف المرجوة بجعل مدير المدرسة هو الركيزة الأساسية في إدارة العملية التعليمية كاملة، وبرفقة الفريق الإشرافي الداخلي بأن( يُمكّنْ) تماماً من العمل بصلاحيات قوية ومتسارعة، وغير متباطئة فالبدايات القوية ستكون نتائجها فاعلة، وبالتالي سوف تتناغم المخرجات مع الفترة المقبلة، وعلى أقصى قدر ممكن، كما أنه من الأمثل منح المزيد من الإمكانات المادية المناسبة؛ لتحفيز وتشجيع عناصر بيئة العمل كافة. وهذه الصلاحيات الممنوحة من المؤكد أنها ستكون واضحة مرنة فاعلة مطابقة للواقع وتؤدي بطبيعة الحال إلى تحقيق رؤية المملكة 2030 في المجال التعليمي.
على أي حال بقدر هذه الصلاحيات المتوقعة لمديري المدارس إلا أنها ستمثل عبئاً ثقيلاً إذا لم يحسن التعامل المثالي معها من قبل مديري المدارس وتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقهم فهي بمثابة “صلاحيات مقابل مسؤوليات بمعنى تكليف لا تشريف”، وأيضاً وفي الوقت نفسه لابد وأن يُعطى كل مدير مدرسة فريق إداري متكامل من وكلاء، وموجهين، وموظفين إداريين على قدر عالٍ من الجودة العالية، والإتقان…وإلا فسوف نجد ضعفاً في مستوى التطلعات المأمولة، وهذا المفترض فلا مجال بأي حال من الأحوال من تواجد من لا يواكب هذه المرحلة الجديدة، ومن لا يؤمن بها ويدرك أبعادها، وهنا يجب أيضاً أن لا يغفل أبداً دور إدارة الموارد البشرية وتفهمها للواقع التعليمي الجديد، ومساندتها المتناهية لإدارات المدارس فيما يلبي احتياجاتها اللازمة؛ لنرى تعليما طموحاً ومتقدماً في ظل هذا الوطن المعطاء، ووفقاً لتوجيهات القيادة الرشيدة_ حفظها الله_ والله ولي التوفيق والقادر عليه.