المقالات

الذكاء الاصطناعي تحت الماء

أدى تصميم وتطوير المستشعرات تحت الماء وشبكات الاستشعار تحت الماء وأنظمة الاستشعار المتكاملة وبروتوكولات الاتصال تحت الماء إلى ابتكارات جديدة في أنظمة المعلومات. كما تُعد مستشعرات الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من مجتمع التكنولوجيا الفائقة اليوم. إذ يتم تصميم هذه المستشعرات لمحاكاة الذكاء البشري؛ وذلك في الآلات مما يُمكنها من التعلم من بيئتها وتحسين عملياتها مع مرور الوقت، ولقد تطورت تقنية أجهزة الاستشعار ومستشعرات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية؛ حيث أصبحت تكنولوجيا الاستشعار المتقدمة قادرة اليوم على اكتشاف وتفسير الأنماط المعقدة في البيانات، وبالتالي تسهيل عمليات صنع القرار المعقدة. كما يمكن رؤية استخدام تقنية مستشعر الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات الحيوية اليوم؛ وذلك ابتداءً من الرعاية الصحية إلى صناعات السيارات الحديثة أيضًا في المنازل الذكية والأتمتة الصناعية، وتوفر هذه المستشعرات القدرة على الفهم والتعلم والتنبؤ والتكيف وربما العمل بشكل مستقل إذا ما أعدت لذلك. فهي حجر الزاوية في العديد من الأنظمة الفائقة والتي تستخدم الذكاء الاصطناعي، وهي أيضًا تعمل كعيون وآذان للآلات وتجمع البيانات، ويقوم الذكاء الاصطناعي بمعالجتها والتعلم منها.
لا تستخدم مستشعرات الذكاء الاصطناعي في جمع البيانات فحسب، بل تستخدم أيضًا في فهم البيانات وهي مصممة لمعالجة البيانات الأولية وتحديد الأنماط فيها وفهم المعلومات التي تجمعها. فعلى سبيل المثال، يمكن لمستشعرات الذكاء الاصطناعي في الكاميرا اكتشاف وتحديد شخص معين بين الحشود باستخدام الكاميرات الفائقة الدقة والتعرف عليه، وحتى التنبؤ بعمره وجنسه وعاطفته، وتوجد مستشعرات الذكاء الاصطناعي في قلب أجهزة إنترنت الأشياء مما يُساعدها على اتخاذ قرارات ذكية بناء على البيانات التي تجمعها. فعلى سبيل المثال، يستخدم منظم الحرارة الذكي مستشعرات الذكاء الاصطناعي لمعرفة جدولك الزمني ودرجات الحرارة التي تفضلها ويمكنه حتى التوقع بالتغيرات في الطقس لضبط درجة الحرارة وفقًا لذلك. هذا لا يوفر راحة معززة فحسب بل يؤدي أيضًا إلى توفير الطاقة، وتعد أجهزة الاستشعار بالموجات فوق الصوتية نوعًا مهمًا آخرًا من مستشعرات الذكاء الاصطناعي التي تستخدم الموجات الصوتية لاكتشاف الأشياء وقياس المسافة، وتوفير التعرف على الأشياء، وتستخدم على نطاق واسع في تطبيقات مختلفة مثل: الروبوتات والسيارات والأتمتة الصناعية والقيادة الذاتية. إذ تعمل المستشعرات فوق الصوتية عن طريق إصدار موجة فوق صوتية ثم الاستماع إلى الصدى عندما ترتد الموجة عن جسم أو حاجز ما، ويستخدم الوقت الذي يستغرقه الصدى للعودة لحساب المسافة. يمكن بعد ذلك معالجة هذه البيانات بواسطة الذكاء الاصطناعي لاتخاذ قرارات ذكية. ففي القيادة الذاتية، يمكن لأجهزة الاستشعار بالموجات فوق الصوتية اكتشاف العقبات ومساعدة السيارة على التنقل بأمان أو الثبات في نفس المسار أو التنبؤ بقُرب الاصطدام، وتعزيز نظام القيادة الذاتية، وتلافي الخسائر والحفاظ على سلامة الإنسان، والحد من الأضرار. دقيقة حتى في الظروف البيئية الصعبة؛ إذ يمكنها الاكتشاف والتعرف على الكائنات من أي شكل أو حجم ولا تتأثر باللون أو الشفافية أو السطوع. هذا يجعلها متعددة الاستخدامات ومناسبة لمجموعة واسعة من التطبيقات. إذ يعد استشعار القرب ميزة رئيسية أخرى في مجموعة مستشعرات الذكاء الاصطناعي؛ فهي تكتشف القرب ووجود أو عدم وجود أشياء دون اتصال جسدي، وتستخدم أيضًا في المركبات ذاتية القيادة تحت الماء أو المستقلة منها. بما في ذلك مستشعرات الذكاء الاصطناعي، والتي تعمل بالأشعة تحت الحمراء، والتي أيضًا يمكنها من اكتشاف الأشياء من مسافة قريبة وتوفير قياسات دقيقة للمسافة؛ مما يجعلها مثالية لمهام مثل اكتشاف الأشياء وقياس المسافة، والتعرف على الأشياء.
ستلعب مستشعرات الذكاء الاصطناعي دورًا حاسمًا في تطوير المركبات ذاتية القيادة لا سيما تحت الماء؛ فسوف تُساعد على تحسين وسلامة وكفاءة القيادة الذاتية تحت الماء لا سيما في مهمات الأعماق، والتي أيضًا تلعب دورًا هامًا في الكشف عن بعض الخصائص الكيميائية أو التحقق من جودة المياه وأهليتها لاحتضان كائنات بحرية فيها، ويعد الجمع بين الذكاء الاصطناعي والمستشعرات تحت الماء طريقة قوية لفهم كوكب الأرض، ولا يقتصر دورها في جمع بيانات حول العالم المادي، بل يعزز دورها الذكاء الاصطناعي تحت الماء من تحليل هذه البيانات واستخدامها لتوليد رؤى وإجراء تنبؤات واتخاذ إجراءات. فمع استمرار تقدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والاتصالات والمستشعرات تحت الماء وشبكات الاستشعار تحت الماء، أصبحت الآلات أكثر قدرة على التصرف بذكاء بطريقة تأخذ الحواس الخمس وقدراتها في الاعتبار؛ إذ إن الآلات بدأت تتحول من مجرد أدوات يستخدمها البشر إلى روبوتات تتخذ قد تعمل بشكل مستقل، وفي المستقبل ستتعايش هذه الروبوتات وتتعاون مع البشر لتحقيق الوفرة والكفاءة في الحياة تحت الماء. إذ تستخدم العديد من المنظمات بما في ذلك الشركات ومعاهد الأبحاث العالمية والجامعات الآن آلات ذاتية القيادة تحت الماء لتوسيع معرفتنا بالعالم تحت الماء في محاولة لتزويدنا بمعلومات أكثر أهمية، ولقد بدأ علماء الذكاء الاصطناعي والمستشعرات وشبكات الاستشعار تحت الماء العمل على روبوتات جديدة للذكاء الاصطناعي تحت الماء يُمكنه من اكتشاف الأنشطة التي تضر ببيئة المحيطات، والتي سيتم استخدامها أيضًا لاكتشاف الصيد غير القانوني وحماية الحياة البحرية لا سيما المهدد منها بالانقراض. إن فوائد الذكاء الاصطناعي تحت الماء لا يقيد بذلك فحسب، بل إنه أيضًا حيوي في مهام تحديد وتتبع التلوث البلاستيكي. إذ يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في هذه المهمة باستخدام صور الأقمار الصناعية والتعلم الآلي لتحديد الحطام البلاستيكي في المحيط، ويمكن بعد ذلك استخدام هذه المعلومات لتطوير جهود التنظيف المستهدفة. إن استخدام قوة الذكاء الاصطناعي تحت الماء لمراقبة الصوت على سبيل المثال في العالم تحت الماء جنبًا إلى جنب مع القدرة على نقل المعلومات فوق الأرض يُحقق الميزة المثالية التي ستوفر أدوات لحماية الأنظمة البحرية، بل واكتشاف الأنشطة غير القانونية أو المصرح بها أيضًا أو في حماية البيئة الساحلية والدفاع وصيد الأسماك والاستزراع السمكي.

د. سلمان الحارثي

أكاديمي | سفير جودة | كاتب رأي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى