لا يمكن الحديث عن فترة (الفوهرر الألماني أدولف هتلر) وما كان فيها من انتصارات ثم انكسارات دون أن نأتي على ذكر وزير دعايته (جوزيف جوبلز)، والذي لعب دورًا في خلق أسطورة (الفوهرر). بعد هزيمة ألمانيا في (ستالينغراد وغيرها)، أظهر (جوبلز) قدرة خارقة وحرفية عالية في فن الدعاية؛ ليقلب الهزائم في أذهان الناس إلى انتصارات!
بعدما وضعت الحرب أوزارها، تسابق المنتصرون سواء في المعسكر الغربي أو الشرقي على استقطاب المميزين من العلماء الألمان؛ للاستفادة منهم في إنشاء وتطوير الصناعات والدراسات والعلوم على اختلافها. أما العرب، ولأنهم كما وصفهم عبدالله القصيمي (ظاهرة صوتية) فقد تركوا علماء الذرة والصواريخ والصناعات الثقيلة المختلفة، وانجذبوا إلى (عاِلم) الصوت والخطابة (جوبلز)؛ حيث تعلموا منه أصول (اللف والدوران)! وأعتقد أن العرب أول من أسس مدرسة (خذوهم بالصوت لا يغلبوكم)!
إن التضليل الإعلامي الذي تُمارسه (فراخ جوبلز) من خلال بعض القنوات الفضائية ووسائل التواصل والأقلام الصحفية المعروف توجهها ودعمها لجماعات وحكومات واستخبارات عالمية، هدفه إعادة إحياء “الحريق العربي” الذي يتبناه (الحزب الديموقراطي في أمريكا)، وتحريض شعوب المنطقة للقيام بثورات شعبية، ونشر الفوضى تحت ذريعة إغاثة أهل غزة وكسر الحصار المفروض عليها.
لم يتساءل (فراخ جوبلز) بعد مرور عدة أشهر ما إذا كانت حماس قد حققت هدفًا واحدًا من اهدافها؟ لم يناقشوا كيف تحولت المغامرة من مقاومة المحتل وتحرير الأرض المغتصبة إلى مجرد صفقة لتحرير الأسرى مقابل الرهائن! لم تتناول تلك القنوات مسؤولية حماس في تمكين الكيان الصهيوني من بناء 9 مستوطنات جديدة بعد 7 أكتوبر!
وعن دورهم في إبعاد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونرا) من القطاع! لم تطرح (فراخ جوبلز) المكاسب الإعلامية التي حققتها بعض الدول والشخصيات من خلال قيامها بالوساطة لحل أزمة الرهائن! لم تتساءل تلك الفراخ هل حقًّا حماس (مخيفة وقوية) حتى تحرك أمريكا البوارج (خلال أيام)؟ وما مصلحة أمريكا من توجيه هذه المليارات إلى الكيان الصهيوني (المقـتدر) على حساب المشاريع الداخلية الأمريكية؟
الحرب على غزة حضر فيها كل شيء، وغاب عنها الضمير الإنساني والأخلاقي، وعندما يكتب البعض مطالبًا الحكم على الأمور بعقلانية، وعدم الاندفاع خلف الشعارات الدينية والقومية، حينها لن تتردد (فراخ جوبلز) من نعت أصحاب العقل بأنهم الصهاينة العرب! كل من يحاول أن ينشر الوعي في المجتمع العربي، ويُطالب بالمحافظة على دماء الشعوب ويحذر الحكومات من (العنتريات) فهو من الصهاينة العرب! كل من يبين خطورة الانسياق وراء الجماعات والقادة المغامرين بأرواح الشعوب، هو في عرفهم من الصهاينة العرب!
خاتمة
من أشهر الأقوال المنسوبة إلى جوبلز:
أعطني إعلامًا من دون ضمير، أعطك شعبًا من دون وعي. كلما كبرت الكذبة سهل تصديقها.