المقالاتعام

شذاذ الآفاق

بين الفينة والأخرى تطل علينا وسائل التواصل الاجتماعي بخوارج مارقين تافهين يُعلنون عن انشقاقهم عن هذه الدولة الكريمة، وخلع البيعة من ولي الأمر؛ وكأنهم حققوا المعجزات وأنجزوا أصعب المهمات، وهم في الحقيقة ملوثون للبصر والبصيرة لا يمثلون قطرة ماء ولا يساوون قيد أنملة من شعب طويق العظيم الذي تجاوز الثلاثين مليون مواطن سعودي مخلص لدينه ومليكه ووطنه، عزيز النفس، كريم العطاء، مرفوع الرأس.

وأغلب أولئك الخونة هربوا من الوطن؛ لأنهم مطالبون في قضايا فساد مالية أو جرائم أمنية أو أخلاقية أو جنائية أو نصب واحتيال، قد يكونون حُوكموا عليها، ولكن العار والخسة والدناءة تُطاردهم في كل مكان لبشاعة ما ارتكبوا من جرم في حق وطنهم ومجتمعهم؛ ولذلك فضلوا أن يتواوروا عن الأنظار بطريقة سيئة تضر بهم وبأهلهم وذويهم.

يَدِّعِي أحدهم أنه هرب بدينه!! وهو كذاب أشر فهنا أشرق نور الإسلام، وهنا مهبط الوحي ومبعث الرسالة المحمدية والحرمين الشريفين والأماكن المقدسة التي تتجه إليها أنظار المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بينما هو هرب إلى ديار الديانات الأخرى المنسوخة بين الحانات والبارات لا يستطيع أن ينكر منكر مما يشاهده صباحًا ومساءً !!! أهذا هو الهروب ؟! وهذه هي الهجرة ؟!

الكثير منهم كانوا في وطنهم وبين أهليهم في رغدٍ من العيش، وتم ابتعاثهم على حساب الدولة -رعاها الله- لإتمام دراساتهم العليا بمتابعة مستمرة واهتمام دائم من الملاحق التعليمية في سفارات خادم الحرمين الشريفين، ولكنهم خانوا الأمانة وباعوا الوطن بحفنةٍ من المال لا تساوي شيئًا أمام عزة النفس والحياة الكريمة والعودة الحميدة.

والبعض منهم تم التغرير بهم ممن سبقوهم في الخيانة؛ حيث استدرجوهم عن طريق وسائل التواصل المختلفة وهولوا لهم مشاكلهم العائلية البسيطة التي لا ترقى إلى التفكير في الهروب، وزينوا لهم الهروب من الوطن، والمطالبة بحق اللجوء لأتفه الأسباب.

وللأسف وجدوا من يحتضنهم من الدول المعادية والتنظيمات المارقة، ولكنه احتضان مؤقت لتحقيق أهداف معينة ليست في صالح الضحية الذي باع نفسه ووطنه، وستكون نهايته إلى سلة المهملات ومزبلة التاريخ.

خونة الأوطان ليس لهم قيمة حتى عند من يدعمهم، وتُمثل خيانة الوطن أعلى درجات السقوط الأخلاقي يقول هتلر: أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتي هم أولئك الذين ساعدوني على احتلال أوطانهم، ورفض نابليون مصافحة ضابط نمساوي جاء ليأخذ ثمن خيانته لوطنه؛ حيث رمى له الذهب على الأرض؛ فقال الضابط النمساوي: لكنني أريد أن أحظى بمصافحة يد الإمبراطور؛ فقال له نابليون: هذا الذهب لأمثالك أما يدي فلا تصافح رجلًا يخون بلاده …

شذاذ الآفاق من خونة الأوطان الذين يستقوون على أوطانهم، ولا يتعلمون من التاريخ؛ فكل من فعل فعلهم أصبح مجرد ورقة يستخدمها من ألجأه لفترة محددة ستنتهي مهما طالت؛ وعندها سيكون مصير هذه الورقة سلة المهملات.

بقي دورنا نحن كمشاركين في وسائل التواصل الاجتماعي ومختلف وسائل الإعلام، ولنا دور هام وفعال في توعية مختلف شرائح المجتمع، وتكريس روح المواطنة، وتعزيز اللحمة الوطنية، والحث على الالتفاف حول ولاة الأمر -يحفظهم الله- ومحاربة كل الشبهات والدعوات الضالة والفكر المنحرف، وتعرية معتنقيه، والتحذير منهم لنضمن لأبنائنا وبناتنا مستقبلًا زاهرًا بعد توفيق الله.

– كاتب رأي ومستشار أمني

عبدالله سالم المالكي

كاتب رأي - مستشار أمني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى