المقالات

القراءة السريعة كمشروع وطني: ضرورة لا غنى عنها

يُعتبر المشروع الوطني للقراءة أحد المشاريع الثقافية في العديد من الدول، بما في ذلك دول عربية كمصر والمغرب، لكن المشروع الوطني للقراءة السريعة لم يعتمد بعد في أي من الدول العربية، والأمل معقود أن تعتبر المملكة العربية السعودية رائدة في هذا المجال الذي يُعتبر مؤشرًا هامًا على المستوى الثقافي لأي دولة متحضرة، وقد يستغرب البعض أن جامعة نيويورك عام 1913 كانت لا تقبل بين طلابها إلا من يُجيد القراءة السريعة بواقع 600 كلمة في الدقيقة.
وممن اشتهروا بالقراءة السريعة في تراثنا العربي والإسلامي البخاري الذي يقال إنه كان ينظر إلى الكتاب مرة واحدة فيحفظه من نظرة واحدة، وكذلك الإمام الشافعي، وابن القيم وابن خلدون، وغيرهم كثيرون.
وممن اشتهروا بالقراءة السريعة على مستوى العالم من قادة ورؤساء الدول: جيمس مارشال، والرئيسان الأمريكيان فرانكلين روزفلت وجون كيندي، وتعتبر الأمريكية ايفلين وود رائدة القراءة السريعة على مستوى العالم، وقد افتتحت أكاديمية القراءة السريعة في نيويورك عام1945م.
وممن اشتهروا بالقراءة السريعة في بلادنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي العهد القائد الملهم الأمير محمد بن سلمان، وسمو الأمير سعود الفيصل – يرحمه الله- وسمو الأمير خالد الفيصل، والمؤرخ السعودي عبد الله بن خميس، والشيخ ابن العثيمين، وعلامة الجزيرة العربية حمد الجاسر، وعبد المحسن التويجري نائب رئيس الحرس الوطني السابق، والشاعر الوزير د. غازي القصيبي -يرحمه الله-.
ويُحكى عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أنه عندما كان أميرًا على منطقة الرياض ابتكر طريقة خاصة لقراءة المعاملات التي كانت ترد إلى مكتبه من كل حدب وصوب، فكان يقرأ المعاملات والتقارير بسرعة لافتة، وغالبًا ما يدرك الموضوع وغايته من النظرة الأولى، وقد أشار معالي د. غازي القصيبي إلى هذا الأسلوب القرائي في كتابه “حياة في الإدارة”، وأطلق عليه “الطريقة السلمانية”، وتتلخص هذه الطريقة في حذف المقدمة والنهاية والتركيز على لب الموضوع، فضلًا عن تنمية عادات القراءة السريعة، وكذلك يُحكى عن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أنه يقرأ الصفحة في ثانيتين.
والقراءة – في العموم- هي مهارة أساسية نستخدمها في مختلف جوانب حياتنا اليومية، بدءًا من التعلم والدراسة وحتى البقاء على اطلاع بالأحداث الجارية. ومع ذلك، بالنسبة للعديد من الأفراد، يمكن أن تكون القراءة مهمة تستغرق وقتًا طويلًا ومملًا، وهنا يأتي دور تقنيات القراءة السريعة.
وتعرف القراءة السريعة بأنها مجموعة من التقنيات والاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد الأفراد على القراءة بشكل أسرع مع الحفاظ على فهم المادة، وفي تعريف أكثر تحديدًا، القراءة السريعة هي قدرة العين التلقائية على التقاط الكلمات بسرعة تتجاوز 450 كلمة في الدقيقة.
ويمكن أن تكون هذه التقنيات مفيدة بشكل خاص للطلاب والمهنيين والأفراد الذين يعانون من أعباء قراءة ثقيلة، لأنها يمكن أن تساعد في توفير الوقت وزيادة الإنتاجية.
وأصبحت القراءة السريعة ضرورة لملاحقة ما تقذف به ثورة المعلومات في عصرنا الحالي، ولمواكبة الكم الهائل من المعارف والمعلومات المتجددة يوميًا.
والهدف الأساسي من القراءة السريعة زيادة القدرة على تنمية المعرفة من خلال إحداث توازن بين زيادة سرعة القراءة مع الحفاظ على مستوى الاستيعاب.
وتكمن أهمية القراءة السريعة في أنها تُتيح تحصيل كمية أكبر من العلم في وقت قصير، وهو ما يعني الاطلاع على كل المستجدات، ومواكبة التطور العلمي المتسارع بطبيعته.
ويمكن القول: إن القراءة السريعة من أهم المهارات التي يجب أن يمتلكها كل فرد، لمواكبة التطورات والكم الهائل من المعلومات المتدفق يوميًا على وسائل التواصل الاجتماعي، ومواقع الإنترنت، ما يعني أن على الفرد متابعة تطوير مهاراته في القراءة؛ للحصول على فرصة في الوصول إلى كامل المعلومات.
إن اعتماد القراءة السريعة مشروع وطني في المملكة العربية السعودية، أصبح الآن مطلبًا ملحًا بعد ما حققته المملكة من إنجازات شملت مختلف مناحي الحياة، وبعد أن أصبحت تلك الممارسة ضرورة لا غنى عنها للمثقف السعودي، وهو ما يتطلب اعتماد مادة القراءة السريعة ضمن المناهج الدراسية في المرحلة الثانوية، وإنشاء معاهد وأكاديميات متخصصة للقراءة السريعة في أنحاء المملكة.
لا بد لي في الختام من الإشادة بالمدرب والخبير في القراءة السريعة الدكتور محمد بن علي الصبي، والدعوة إلى الاستفادة من خبراته، فقد درب الآلاف معرفيًا ومهاريًا وإلكترونيًّا منذ أواسط التسعينيات من خلال موقع إلكتروني (مركز القراءة السريعة الملحق بموقع أفكار الرياضيات)، ولا شك أن اعتماد القراءة السريعة كمشروع وطني يتطلب إنشاء موقع بتقنيات مبتكرة تُناسب حجم ومكانة هذا المشروع؛ ليكون متوافقًا مع الأهداف المرجوة كأحد المشاريع الطموحة والضخمة التي تضطلع مملكتنا الحبيبة بإنجازها.

د. سونيا أحمد مالكي

طبيبة - مديرة إدارة الصحة المدرسية بتعليم جدة سابقًا

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى