ليال وأيام، وتفاصيل بين السطور، وحروف تلاحقها كلمات لتصنع؛ جمل باهية لأرواح متلاقية.. كنت أنت ياعشقي كما أريد، وكنت أنت كما أهوى، وكنت أنت كما أحب، وكنت أنا لك كما ترغب، وكنت أنا لك كما تود، وكنت أنا لك كما تأمل. وكان مرور الأيام علي بطئ على عجيب سرعتها ! وكان عميق الوقت يكاد يتعب روحي على صفائه ! وكان الهواء يكاد يخنق أنفاسي على الرغم من نقائه ! وكأن كل ما حولي مرهق مؤلم متعب ولكن كان كل هذا من توهمات الحب الكبير ليس إلا. وكان كل شيء يمضي صوب إتجاه بهاء الحياة إلا أن مشاعري يكتنفها بعض الخوف على نفسي وعليك، ويحتويها بعض القلق تجاهك وتجاهي.. فأخشى ما أخشاه ذهاب الأحلام السعيدة سدى وبلا معنى، وذهابك أنت معها بلا عودة يا عمري. فقد كانت كل ثانية تمر أشعر أنها بمثابة دقائق، وكل الدقائق بمثابة الساعات الطوال، وكل الساعات بمثابة أياماً متوالية وما أطولها يا معشوقي من أيام. فقد كنت استعجل حلول سواد ليلي؛ لتظهر لي تباشير شروق صباحي، وأسابق ملامح نور صباحي؛ لتبدو لي أعماق عتمة ليلي. وهذا وذاك كله والله من أجلك، ومن أجل هواك الفاتن أيها المحب الجميل. ولم يخب ظني أبداً، ولم تخب توقعاتي نهائياً فكان الحلم حقيقة، وكان اللقاء المرتقب واقعاً، وكنت أنت أيها الحبيب المأمول الحظ العظيم، والنصيب الطيب الذي سوف أعيشه ليل نهار بكل الحب والوفاء والإخلاص يا كل الغلا والشوق والجمال.
وبعد عقود مضت بدأ الاكتفاء من بعد حب كنت أظن أنه أبدي، وبدأ الاكتفاء من بعد غرام كنت أظن أنه خالداً، وبدأ الاكتفاء بعد رحلة عمر كنت أظنها أنها دائمة لا تنقطع، يا الله بدأ الاكتفاء لحماقة.. نعم لحماقة لم تكن من المفترض أن تكون بأي حال حاضرة، ومعها حضور شواهد آلام الفراق والهجر، ولموقف.. نعم موقف كان من السهل تجاوزه بالحب والعطف والحنان، لموقف من الممكن أن يحضر فيه الإدراك والفهم والبصيرة وبرفقته التضحية العظيمة والفداء والتنازل بين المحبين ولكن تم ماتم ويا للأسف ولا أظن إلا هذا الأمر إلا لحاجة في النفس كانت معدة من قبل فلم تكن وليد صدفة وتخشى أنت فيها الحقيقة، بل حتّى على المواجهة الصريحة الصادرة من القلب لتعبر قلب من أحبك بصدق ووفاء وعطاء، ولكن لا تظهر المعادن الأصيلة إلا في المواقف الثابتة، فاذهب حيث تشاء، واذهب حيث لا رجعة، واذهب حتّى يحين الرحيل الأخير، فأنا من المؤكد سأنسى كل ماحصل، وكل ماكان، وكل ما سوف يكون.. فأنت لا تستحق أرق أدنى تفاصيل الأحاديث القديمة، ولا تستحق أي شفقة تذكر، أو حتّى مجرد الذكرى الماضية.. فقد أصبحت أنا وبلا أي أسف بقلب بلا إحساس مرهف، وبقلب بلا مشاعر متوقدة، وأصبحت أرى الكون الفسيح مجرد قضاء وقت عابر لا يهم كيف يكون ليله، ولا يعنيني كيف يكون نهاره.. فقد حطمت بكل أسف دواخل نفسي، وأرهقت مجمل أنفاسي، وقد يكون الأمل كل الأمل فقط عبر معاني هذه الكلمات الكريمة: (لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً).