المقالات

وأعود لمرضعتي

بعد أحد عشر عامًا من (الغربة) والترحال وليس ثمة غُربة في وطني، تبتهل آيات الثناء في عودتي لأحضان أمي الرياض، كانت البداية بالحد الجنوبي الغالي في ربوع داير بني مالك الخضراء؛ حيث كنت أرى وجوه أطفالي في انعكاسات الشمس الباردة فوق مرايا الذكريات ومنعطفات الطريق، أقيس أطوالهم كلما خلدت للأمنيات، أتخيّل أني أطعمهم بيدي وأضفر شعر ابنتي، وأقبلها وأنام على أمل جديد وحلم بعيد قد يكون وقد لا يكون. وبعد أربع سنوات مفعمة بعشق المكان وبالشوق والحنين لمسقط الرأس وفقد الأبناء، حملت عصا الترحال من جديد إلى محافظة المجمعة أتأبط زادي وعتادي وطريق طويل أتوجس منه خيفة مخاطر السفر، وأتطلع فيه إلى قبس من نور أمل وضّاء، وفي كل يوم في الساعة الثالثة ليلًا أمخر عباب الأخطار لأصل مع ساعات الدوام الأولى حامدة فيها الله على وصولي سالمة متجددة لأعود من جديد إلى كنف بيتي بالرياض في سويعات الغروب، وبعد ترادف الأحلام وابتهال الدعوات قبست من الطريق سرًا نداءً خافتًا للعزيز الجليل بنقلي عاجلًا أمًا ومعلمة وسيدة كافحت؛ لتكون نبراسًا في جبين التعليم تستلهم من غربة دامت سبع سنوات ألوان التجارب والخبرات، سبع سنوات متتابعات صقلتني كمعلمة وكسيدة وكإنسانة لأعود للعاصمة مكللة بالوفير من التجارب والإنجازات شاكرة الله على ما وهبني من تمرس واحتراف وظيفي، والعودة الحميدة لأهلي وذويي وأسرتي الكريمة، فشكرًا لكل القلوب الحانية التي رافقتني في حلّي وترحالي داعمة ومهنئة؛ سائلة الله لهم التوفيق والسداد والكثير من الأفراح التي تنساب في طريقهم مكللة بالكثير من النجاحات والرخاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button