يعيش الإنسان في هذه الأرض في الغالب حياة مديدة تبدأ منذ طفولته حتى كهولته تتخللها حقوق يحصل عليها، وواجبات يقوم بها في نفس الوقت بخط متوازن بمعنى بقدر ماله من حق بقدر ماعليه من واجب أيضاً. ويفتقد الإنسان في مسيرته الحياتية الممتدة بطبيعة الحال بعض السيطرة في موازنة مدخولاته مع مصروفاته فيضطر للدخول في ديون لا طاقة له بسدادها سواء في شراء أشياء لا حاجة له بها، أو أشياء يقتنيها من باب تقليد الآخرين، أو شراء أشياء تفوق قدراته المالية، هذا غير الاقتراض من أجل السفر غير اللازم، أو القيام بمناسبات فيها إسراف وبذخ من باب المفاخرة الاجتماعية فقط، أو شراء بعض الكماليات التي لا فائدة من شرائها، وغيرها من المشتريات غير الضرورية، ومن الممكن أن تزداد هذه الديون المستحقة في حال لم يكن صاحبها صادقاً في الرغبة بالوفاء بقضاء الدين للدائنين حتى تتضاعف هذه الديون إلى مستويات كبيرة يعجز تماماً عن قضائها وهنا تبدأ مرحلة المعاناة الحقيقية مع الإنسان نفسه، ومع الدائنين، ومع الجهات الرسمية ذات العلاقة.
ونتحدث هنا في مجتمعنا المحلي عن هذه الظاهرة الخطيرة تحديداً فمن المؤكد أن كل ماذكر في بدء المقال ينطبق تماماً على بعض المواطنين العاجزين عن قضاء الديون المترتبة عليهم، والتي يصل أثرها للأسف الشديد إلى أفراد الأسرة من زوجة وأبناء والذين هم في أغلب الأحوال لا ذنب لهم من هذه المشكلة المورقة، وكان السبب الرئيس فيها رب الأسرة بتصرفاته الخاطئة، وعلى أي حال صدور نظام إيقاف الخدمات الجديد مؤخراً تلمس الكثير من الأمور الإنسانية سواء للفرد المطالب بتأدية الالتزامات المستحقة عليه، أو التابعين له فقد راعى تنظيم إيقاف الخدمات الجديد حقوق الإنسان وجعلها هدفاً أساسياً؛ لحفظ حقوق الأطراف كافة دون أدني تأثير للأسرة والمعالين وهو مايؤكد ولله الحمد على اهتمام الدولة _ وفقها الله_ بأعمال حقوق الإنسان في مجمل التشريعات والأنظمة، وعلى أن يكون الإيقاف بناءً على سند نظامي، أو قرار من مجلس الوزراء، أو أمر سامٍ، أو قضائى، أو أمر من النيابة العامة، كما أكد النظام على عدم اللجوء إلى إيقاف الخدمات؛ من أجل التبليغ بالحضور لدى الجهات الحكومية، وأيضاً على الجهات الحكومية أن تراعي عند تصنيف الخدمات المقدمة والتي يمكن إيقافها ألا يترتب على الإيقاف ضرر يمتد إلى تابعي الشخص الموقوفة خدماته (أفراد _أعمال)، وأيضاً أن يكون إيقاف الخدمات للأفراد على مراحل بحيث تبدأ إيقاف الخدمات بمنخفضة الأثر، ومن ثمّ متوسطة الأثر، وصولاً إلى عالية الأثر على ألا تتجاوز مدة إيقاف الخدمات في المرحلتين الأولى والثانية (30) يوماً، وغيرها من ضوابط إيقاف الخدمات عبر تنظيمات معتمدة والتي تشكل ميزاناً يحافظ على معادلة الحقوق والواجبات ويصونها.
إن من المأمول من كل مواطن الاستفادة من هذه الإجراءات الجديدة في ظل نظام إيقاف الخدمات، مع البدء في تنظيم وترتيب الأمور الخاصة به حالياً، وفي المستقبل وخاصة أن الهدف من هذا التنظيم هو الوفاء بالالتزامات المستحقة دون حرمان المواطن من حقوقه الأساسية، مع إمكانية تمديد المدة الممنوحة قبل إيقاف خدماته، وكذلك تبليغه بالإيقاف قبل مدة كافية، مع تسريع إلغاء الإيقاف بحيث يكون تلقائياً ولا يتجاوز (24) ساعة من الموافقة على إلغائه. ومما لا شك فيه أن كل من عقد النية الصادقة المخلصة في التخلص من الالتزامات الواجبة الدفع للآخرين فإن الله سيكون في عونه وهذا ما جاء في الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقول النبي ﷺ:” من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه فإذا أخذها وهو يريد الأداء، واجتهد، ولكن لم يتيسر له ذلك؛ قضاه الله عنه وما ضره بقاؤه عليه” أوكما قال عليه الصلاة والسلام. كل الدعوات الصادقة بقضاء الدين عن المدينين وأن يفرج كروبهم.